الأولوية للأمن الوطني

اخبار البلد-

 

ثمة حقائق ووقائع واضحة لأي مراقب مدقق لما تفعله حكومة المستعمرة الإسرائيلية وآخرها ما صرح به نتنياهو حول ضم مستعمرات الضفة الفلسطينية، عبر تطبيق قانون المستعمرة على سكانها من المستعمرين الأجانب، ولهذا يجب أن ننظر إلى أن إجراءات المستعمرة هذه لا تمس حقوق الشعب الفلسطيني وحسب بل تؤثر مباشرة على الأمن الوطني الأردني، من خلال ما يفعله بتوسيع مكتسباته الاستعمارية معتمداً على تفوقه وقوته بدون أدنى مراعاة للمعايير الدولية أو لمعاهدة السلام المفروضة ظُلماً وتعسفاً بلا توازن وبلا ندية وبلا احترام لحقوقنا الوطنية والقومية، بل يعمل على توظيفها باتجاه واحد وهو فرض شرعية الاقرار بوجوده، وفرض الاعتراف بالوقائع التي يصنعها حتى ولو كانت غير شرعية، تتعارض مع قرارات الأمم المتحدة التي سبق لها وصدّرت شهادة ميلاده عبر قرار التقسيم الذي وضع حل الدولتين، وهو أول من خرقه باحتلال مساحة من الأرض تتجاوز حجم المساحة التي أعطاها له القرار 181، والذي بقي معلقاً للطرف الفلسطيني بلا تنفيذ في حق إقامة دولته على أرض وطنه حتى يومنا هذا . 
لهذا، واعتماداً على أفعال المستعمرة وسياساتها، علينا أن نهتم لما يجري في فلسطين لسببين جوهريين : 
أولهما : الاستدراك واتخاذ كل الإجراءات الاحترازية نحو حماية الأمن الوطني الأردني من مشاريع وأهداف وتطلعات المستعمرة الإسرائيلية التوسعية، لأنها تستهدف الأردن وأمنه واستقراره وسكانه، بعد فلسطين، من خلال التضييق والحصار ومنع التوسع العمراني والسكاني.
وثانيهما : من أجل دعم صمود الشعب الفلسطيني على أرض وطنه، وعدم تكرار تشريده كما حصل سنتي النكبة باللجوء عام 1948، والنكسة بالنزوح عام 1967، وتبعات ذلك على الأردن . 
فالمشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، يعمل بشكل منهجي مدروس، وفق خطوات التدرج والمرحلية، لتحقيق كامل مشروعه، عبر توسيع خارطة المستعمرة عبر ثلاث عوامل : 1 – احتلال أوسع مدى ممكن من الأرض الفلسطينية، 2 – أقل قدر ممكن من البشر سكان البلاد من الفلسطينيين، 3 – جلب أكبر عدد ممكن من المهاجرين الأجانب، ليكونوا قادة المستعمرة وقاعدتها الاجتماعية، وعنوان قوتها وتفوقها .
فقد حصلت المستعمرة على 54 بالمائة من خارطة فلسطين وفق قرار التقسيم 181 الصادر يوم 29/11/1947، فقامت باحتلال 78 بالمائة من مساحة فلسطين عام 1948، وأكملت احتلال ما تبقى من فلسطين عام 1967، احتلال القدس والضفة والقطاع، وفي سنة 1980 يوم 20 حزيران أعلنت رسمياً عبر قرار الكنيست ضم مدينة القدس إلى خارطة توسع المستعمرة، وأخذت العمل على تغيير معالم المدينة المقدسة العربية الفلسطينية الإسلامية المسيحية وتهويدها وأسرلتها . 
وحينما وجدت أن قطاع غزة عصي على البلع والاحتلال بسبب : 1 – كثافة السكان، 2 – ضربات المقاومة الموجعة، تخلت عن قطاع غزة بعد أن فكفكت المستوطنات وأزالت قواعد جيش الاحتلال، وركزت برنامجها التوسعي الاستعماري نحو القدس والغور وتمزيق الضفة بالمستعمرات والشوارع الالتفافية، إضافة إلى الجولان . 
ومن أجل بلع كامل فلسطين، باستثناء قطاع غزة، تعمل حكومات المستعمرة على جعل الضفة الفلسطينية طاردة لأهلها عبر الإفقار، وضيق فرص العيش، وتدمير مقومات الإنتاج الزراعي والمعيشي، ودفعهم للرحيل نحو الأردن ليكون ملاذهم، وحاضنة لإستيعاب الفلسطينيين المبعدين المشردين عن وطنهم كما حصل سنتي 1948 و 1967 . 
برنامجنا الاحترازي لحماية أمننا الوطني يتم عبر دعم صمود الشعب الفلسطيني على أرض وطنه الذي لا وطن له سواه، وأن يبقى الشعب الفلسطيني هو الإعاقة البشرية، وحائط الصد الكفاحي، لتعطيل مشروعه الاستعماري التوسعي، وإخفاقه لصالح استعادة الفلسطينيين كامل حقوقهم في العودة إلى المدن والقرى التي طُردوا منها، ونيلهم الحرية والاستقلال والكرامة مثل كل شعوب الأرض في وطنهم: فلسطين.