يا بشر .. بدنا خبز بدناش سياسة !!
عذرا إن كنت قد خاطبت الآخر في عنوان المقالة بصورة قد تصنف بأنها همجية ومتسرعة ، ولكنني كنت في تلك اللحظة التي أكتب بها مقالتي في أوج غضبي وإنفعالي فلم أجد أمامي سوى تلك اللغة من الخطابة التي أوجهها صورة ومعنى لحكومتنا المبجلة وتحديدا لتلك الفئة التي أقرت بعدم جواز عمل الموظف في القطاع العام بالتجارة تحت أي ظرف كان ؟! .
إنها الغرابة بعينها فما زلت حتى هذه اللحظة أفكر وأقدح الفكرة تلو الفكرة محاولاً أن أجد مبررا مقنعاً لهذا القرار السطحي والمضحك ، والذي لا يدلل إلا على أمر واحد ، وهو بأن أولئك الساسة الذين هم على رأس السلطة في هذا الوطن لا يشعرون بحقيقة معاناة المواطن الأردني بغالبيته العامة ، وهم الذين يرزخون تحت خط الفقر ويلهث بعضهم وراء القمامة ليجد منها قوت يومه ؟؟ حسبي الله ونعم الوكيل كيف أقروا ذلك القرار ؟ وما هي مبرراته ؟ ولمصلحة من تريد الحكومة أن يبقى الموظف محصورا في سجن وظيفتها الوضيع ، الذي بالكاد لا يكفي الغالبية منهم كسرة الخبز له ولأبناءه حتى منتصف الشهر .
لو كانت الحكومة العزيزة بالفعل تريد من هذا القرار مصلحة الوطن العليا لكانت منحت الموظف حقه الشرعي في العمل ومنحته الأجر الذي يتناسب وطبيعة الوضع الإقتصادي الحالي ، الذي يصنف بالسيئ جدا ، فهي تمنح المواطن العامل لديها أجرة لا تصل الى نصف الحد الطبيعي لمعدل خط الفقر الذي زاد في وقتنا الحالي الى أكثر من ستمائة دينار عدا ونقدا ، ولكنها ها هي الأن وعلى لسان وزير العمل الأكرم تقول والعين تدمع بانها سترفع الحد الأدنى للأجور الى المئة وثمانين دينار !!!! إنها لمهزلة بعينها فلا أدري ماذا يمكن للمتلقي لهذا الأجر أن يفعل إن تقاضى مبلغاً خيالياً كهذا ، ولكن حكومتنا غافلة ووزير عملها هائم على وجهه ومسكين لأنه لا يعلم والعلم عند الله بان أجوراً الآن تسلم للمواطنين في بعض المؤسسات الخاصة أجورها تقدر بما لا يزيد عن مئة دينار ، فأين دورهم من هذه المثلبة تحديدا ؟.
معظم الذين تابعوا هذا الخبر المتعلق بمنع الموظف من العمل في التجارة ، حاولوا استساغته ولكن لم تفلح المحاولة أبداً ، فكيف تريد الحكومة من المواطن الذي يطمح للعمل بعد إنتهاء دوامه الرسمي وهو منهك الجسد و العقل بهدف الستر له ولأسرته ، أن لا يعمل أبداً ، ورغم ذلك فهي لا تقدم له حاجته وتريد ان تقصم ظهره أكثر من ذلك ، أفلا يخجلون ويقدرون !.
بالفعل يا حكومتنا نريد خبزاً لا نريد سياسة !؟ فلو كانت الحكومة بالفعل قد حاربت الفقر والبطالة لما وجدت حجم النقمة عليها كما هو الأن ، فمعظم العوام يتطلعون الى الحصول على أجر يساوي قدر مجهودهم ، في حين أن بعض المسؤولين تتجاوز رواتبهم الشهرية أجرة عام كامل عند الغالبية من الموظفين في القطاع العام ، وهذا بالتالي ينعكس ضمناً على حجم النقمة التي أفرزتها سياسة العدل الكاذب الذي تطبقه الحكومة وخاصة في العديد من المؤسسات المستقلة التي تستنزف ما لا بأس به من المال العام علاوة على جزء يذهب الى جهة تسمى بأنها صاحبة العطايا والمكارم دون أن تقدم للمواطن بشكل مباشر وليتها توزع بالعدل أيضاً .
أتمنى أن تعدل الحكومة عن قرارها هذا لأنه يزيد من حالة الإحتقان الشعبي ضدها ، ونحن جميعاً نعلم حجم ثقة الشارع بحكومته وبسلطته التشريعية التي كان من المفترض ان تقف في وجه هذا القرار .