المزاج العام ومذكرات السياسيين
اخبار البلد-
تثير مذكرات السياسيين دائماً عاصفة من النقاشات والنقد والردود خاصة أذا تضمنت معلومات وحقائق تنشر لأول مرة، أو جاءت في سياق الدفاع عن مرحلة سياسية معينة، وهي بدون شك تعطي فرصة للتعرف على مراحل من تاريخ الدولة وتقدم مادة للباحثين وتظهر روايات ظلت غائبة حول الكثير من القضايا المصيرية.
في السنوات الأخيرة وعلى المستوى العربي أحدثت مذكرات وزير الخارجية المصري الأسبق عمرو موسى "كتابيه”؛ نقاشاً حاداً على الصعيد المصري والعربي لأنها تضمنت نقداً وغمزاً لمرحلة الرئيس الراحل عبدالناصر، وكذلك مذكرات نائب الرئيس السوري السابق فاروق الشرع "الرواية المفقودة”؛ التي قدم فيها تفاصيل وشهادات مهمة عن السياسة السورية والصراع على الحكم في سورية.
محلياً؛ شهدت السنوات الأخيرة نشر العديد من السير التاريخية؛ كمذكرات الوزير الأسبق نذير رشيد "حساب السرايا وحساب القرايا” والتي منعت في البداية، ومذكرات المرحوم الفريق مشهور الجازي كما عرضتها قناة الجزيرة في برنامج شاهد على العصر، وكانت صحيفة "الغد” قد نشرت سابقاً سلسلة من مذكرات الشخصيات السياسية تحت عنوان "سياسي يتذكر” للعديد من رؤساء الوزراء والشخصيات التي لعبت دورا سياسيا عبر مسيرة الدولة الأردنية، وقد أحدثت جميعها سجالاً مهماً وحوارات غنية.
قبل أيام حضرت حفل إشهار كتاب رئيس الوزراء الأسبق الدكتور فايز الطراونة في مؤسسة شومان وبحضور لم يغب عنه تقريبا معظم الطبقة السياسية الأردنية خلال العقود الخمسة الأخيرة، قدم فيه رئيس الوزراء الأسبق السيد زيد الرفاعي شهادة مهمة غلب عليها الطابع الوجداني وتبدت فيها متانة العلاقة بين العائلتين السياسيتين.
يتحدث صاحب المذكرات والمعنونة "في خدمة العهدين” عن تجربته السياسية على مدار 48 عاماً، منذ أن بدأها موظفا في التشريفات الملكية العام 1971 إلى مغادرته رئاسة الديوان الملكي للمرة الثالثة العام 2018، مستعرضاً سيرته الذاتية وتجربته في كل المواقع التي تسلمها ومنها مواقع مكنته من الإطلالة عن قرب على مراحل مفصلية حفرت عميقاً في السياسة الأردنية كالمشاركة في مباحثات السلام مع إسرائيل وتوقيع المعاهدة وانتقال ولاية العهد ورحيل الملك الحسين رحمه الله وغيرها من الأحداث والمواقف السياسية التي تعطي انطباعاً بأن كاتب المذكرات كما قال في حفل الإشهار منسجم مع نفسه وفخور بتجربته على مدار خمسة عقود وغابت وكعادة السياسيين الأردنيين أي محاولة نقدية للتجربة.
ردود الفعل على المذكرات كانت حادة حتى قبل حفل الإشهار والاطلاع عليها وقراءتها بشكل نقدي وموضوعي للحكم عليها بمعزل عن الموقف المسبق من كاتبها، وتوزعت بين من يرفضون رفضا عدميا أي موقف أو رواية من النخب السياسية الأردنية التي تهشمت صورتها كثيرا خلال السنوات الأخيرة نتيجة حالة الاحباط وفشل سياسات الحكومات وإحساس الناس أن الهوة تتسع بينهم وبين المسؤولين؛ وبين من اختاروا الانحياز الكامل لرواية صاحبها لاعتبارات خاصة.
المفارقة الملفتة أن عددا ممن هاجم كاتب المذكرات وخاصة من أبناء منطقته وبعض أقاربه استندوا لفكرة أن الرجل لم ينحز لهم ولمنطقته في تقديم الخدمات وهذا ما دعاهم للهجوم عليه؛ وهي كما أراها هنا ميزة إيجابية تسجل له لا عليه لأن نصيباً من الهجوم على النخب السياسية ينطلق من فكرة الانحياز الجهوي والعائلي، لكن بنفس الوقت لا يمكن إغفال أن جزءاً من الحملة الشديدة على المذكرات في مواقع التواصل الاجتماعي ربما يقف وراءها خصوم سياسيون أرادوا استهدافه.
يقيني أن أيا من الشخصيات السياسية التي ستقدم على كتابة مذكراتها في قادمات الأيام لن تكون أقل نصيبا في الهجوم والنقد مما حصل لمذكرات الدكتور فايز الطراونة، ولكن هذا يجب ألا يكون سبباً للعزوف بل حافزاً لتقديم تجربتهم وقبول نقدها بكل رحابة صدر.
مبادرة الدكتور فايز الطراونة في سرد تجربته وترك الحكم عليها للناس وللتاريخ مبادرة مهمة ومقدرة، فالرجل اتفق البعض أو اختلفوا معه كان قريباً جداً من دوائر صنع القرار في لحظات عصيبة وتاريخية ولا يمكن إنكار وجوده وحضوره في المشهد السياسي الأردني.
في السنوات الأخيرة وعلى المستوى العربي أحدثت مذكرات وزير الخارجية المصري الأسبق عمرو موسى "كتابيه”؛ نقاشاً حاداً على الصعيد المصري والعربي لأنها تضمنت نقداً وغمزاً لمرحلة الرئيس الراحل عبدالناصر، وكذلك مذكرات نائب الرئيس السوري السابق فاروق الشرع "الرواية المفقودة”؛ التي قدم فيها تفاصيل وشهادات مهمة عن السياسة السورية والصراع على الحكم في سورية.
محلياً؛ شهدت السنوات الأخيرة نشر العديد من السير التاريخية؛ كمذكرات الوزير الأسبق نذير رشيد "حساب السرايا وحساب القرايا” والتي منعت في البداية، ومذكرات المرحوم الفريق مشهور الجازي كما عرضتها قناة الجزيرة في برنامج شاهد على العصر، وكانت صحيفة "الغد” قد نشرت سابقاً سلسلة من مذكرات الشخصيات السياسية تحت عنوان "سياسي يتذكر” للعديد من رؤساء الوزراء والشخصيات التي لعبت دورا سياسيا عبر مسيرة الدولة الأردنية، وقد أحدثت جميعها سجالاً مهماً وحوارات غنية.
قبل أيام حضرت حفل إشهار كتاب رئيس الوزراء الأسبق الدكتور فايز الطراونة في مؤسسة شومان وبحضور لم يغب عنه تقريبا معظم الطبقة السياسية الأردنية خلال العقود الخمسة الأخيرة، قدم فيه رئيس الوزراء الأسبق السيد زيد الرفاعي شهادة مهمة غلب عليها الطابع الوجداني وتبدت فيها متانة العلاقة بين العائلتين السياسيتين.
يتحدث صاحب المذكرات والمعنونة "في خدمة العهدين” عن تجربته السياسية على مدار 48 عاماً، منذ أن بدأها موظفا في التشريفات الملكية العام 1971 إلى مغادرته رئاسة الديوان الملكي للمرة الثالثة العام 2018، مستعرضاً سيرته الذاتية وتجربته في كل المواقع التي تسلمها ومنها مواقع مكنته من الإطلالة عن قرب على مراحل مفصلية حفرت عميقاً في السياسة الأردنية كالمشاركة في مباحثات السلام مع إسرائيل وتوقيع المعاهدة وانتقال ولاية العهد ورحيل الملك الحسين رحمه الله وغيرها من الأحداث والمواقف السياسية التي تعطي انطباعاً بأن كاتب المذكرات كما قال في حفل الإشهار منسجم مع نفسه وفخور بتجربته على مدار خمسة عقود وغابت وكعادة السياسيين الأردنيين أي محاولة نقدية للتجربة.
ردود الفعل على المذكرات كانت حادة حتى قبل حفل الإشهار والاطلاع عليها وقراءتها بشكل نقدي وموضوعي للحكم عليها بمعزل عن الموقف المسبق من كاتبها، وتوزعت بين من يرفضون رفضا عدميا أي موقف أو رواية من النخب السياسية الأردنية التي تهشمت صورتها كثيرا خلال السنوات الأخيرة نتيجة حالة الاحباط وفشل سياسات الحكومات وإحساس الناس أن الهوة تتسع بينهم وبين المسؤولين؛ وبين من اختاروا الانحياز الكامل لرواية صاحبها لاعتبارات خاصة.
المفارقة الملفتة أن عددا ممن هاجم كاتب المذكرات وخاصة من أبناء منطقته وبعض أقاربه استندوا لفكرة أن الرجل لم ينحز لهم ولمنطقته في تقديم الخدمات وهذا ما دعاهم للهجوم عليه؛ وهي كما أراها هنا ميزة إيجابية تسجل له لا عليه لأن نصيباً من الهجوم على النخب السياسية ينطلق من فكرة الانحياز الجهوي والعائلي، لكن بنفس الوقت لا يمكن إغفال أن جزءاً من الحملة الشديدة على المذكرات في مواقع التواصل الاجتماعي ربما يقف وراءها خصوم سياسيون أرادوا استهدافه.
يقيني أن أيا من الشخصيات السياسية التي ستقدم على كتابة مذكراتها في قادمات الأيام لن تكون أقل نصيبا في الهجوم والنقد مما حصل لمذكرات الدكتور فايز الطراونة، ولكن هذا يجب ألا يكون سبباً للعزوف بل حافزاً لتقديم تجربتهم وقبول نقدها بكل رحابة صدر.
مبادرة الدكتور فايز الطراونة في سرد تجربته وترك الحكم عليها للناس وللتاريخ مبادرة مهمة ومقدرة، فالرجل اتفق البعض أو اختلفوا معه كان قريباً جداً من دوائر صنع القرار في لحظات عصيبة وتاريخية ولا يمكن إنكار وجوده وحضوره في المشهد السياسي الأردني.