د. تيسير الصمادي يكتب : مستقبل الأسهم والأراضي يتغير

الساخرون من الكُتاب يرون في بعض الألفاظ أو التعابير ما يُضْحِكُهم. وهنالك تعابير من كلمتين تستخدم للإشارة الى فكرة أو مفهوم، وتشكل معاً وحدة واحدة. ولكن إذا فََصَلْتَ الكلمتين، فإنك قد تخرج بمفهوم مضحك متناقض لمن يريد رؤيتها كذلك. ومثل هذا التعبير يسمى باللغة الإنجليزية "أوكسيمورون".
واصطلاح "حكومة رشيدة" يستخدم كثيراً في نشرات الأخبار للإشارة الى الحكومة من قبل أنصارها أو إعْلامِها. ولكن المعارضة ترى في ذلك مادة للضحك لأن "حكومة" و"رشيدة" لا يتطابقان. وبعض الذين يشتكون من الزواج وأعبائه الثقيلة يرون في مصطلح "زواج سعيد" تناقضاً "مضحكاً".
وتذكرنا ظاهرة "الأوكسيمورونية" ببعض مواد القوانين التي تقول "الحرية مكفولة للجميع مع مراعاة الأخلاق والآداب والمصلحة العامة". وهكذا لا يبقى من الحرية شيء. ومثله أيضاً مناداة بعض أعضاء مجلس النواب بضبط الإنفاق المنفلت ثم يسرد قائمة طويلة من المطالبات المكلفة.
ولكن هذه الظاهرة الأوكسيمورونية تأخذ أحياناً أبعاداً فلسفية. فعندما نقول مثلاً "لم يعد المستقبل كما كان". وكيف يكون المستقبل الذي لم يحصل مغايراً لما كان. لا شك أن هذا تعبيراً جميلاً يستحق الوقوف عنده.
فمثلاً قبل لقاء جلالة الملك مع المثقفين والأدباء، وتركيزه على الوحدة الوطنية، واستنكاره لمن يقعون فرائس سهلة لمقولة "الوطن البديل"، كان هؤلاء البعض يرون المستقبل في الأردن غير آمن ومهدد، أما بعد ذلك اللقاء، فقد تغيرت نظرتهم للمستقبل، وصار يبدو مختلفاً وأكثر بشراً وتفاؤلاً.
وقبل أن يحصل اجتماع وزير الخارجية مع نظرائه في دول الخليج يوم الحادي عشر من هذا الشهر، كان البعض يشكك في إمكانية دخول الأردن لمجلس التعاون، ويعدها مناوره سياسية. ولكن الأمور حصلت بشكل سلس وناعم، وحاز الأردن على وعود بمساعدات تبلغ حسب الوكالات بليونين من الدولارات سنوياً ولمدة خمس سنوات. وبالطبع، فإن حصول هذا الأمر سوف يغير نظرتنا نحو مستقبلنا الاقتصادي.
وهكذا يصدق قول الشاعر إن ما بين غمضة عين وارتدادتها يبدل الله من حال الى حال. ودعونا نطبق هذا التحليل على سوق المال في الأردن. وقد رأينا كيف تبدلت حظوظ وتقلبت ثروات، وخسر كثيرون، وتحسر آخرون وهم يرون مؤشر الأسعار يهوي بتوقعاتهم وأحلامهم.
وهنالك نفر آخر فرح لأنه باع قبل هبوط الأسعار، أوْ صَبَرَ واشترى عند هبوط الأسعار. وبتغير المؤشر في البورصة تتغير نظرتنا للمستقبل، فلا يعود المستقبل كما عرفناه.
المطلوب الآن التحرك نحو سوق عمان المالي. ومن الواضح أن الاستثمار في العقار والبورصة سوف يستعيد ألقه بالتدريج. وهنالك أسهم قد هبطت الى مستويات غير مبررة وتساوي أكثر من سعرها في السوق، وكذلك الحال في سوق العقار.
اختر بعناية ما تريد شراءه. ولكن هذا هو الوقت الذي بدأ فيه المستقبل في سوقي الأسهم والعقار يتغير نحو الأفضل للمستثمرين الذين يعرفون كيف يتعاملون مع الفرص السانحة.
وإذا كنت جميلاً، فإنك سترى كل شيءٍ في الوجود جميلاً، أما من يكن صاحب فم مريض، فإنه سيجد الماء الزلالَ مراً في ذلك الفم.