شرف يدعو لتبني برنامج اصلاح اقتصادي وطني يعالج الاختلالات الداخلية المزمنة

دعا محافظ البنك المركزي الشريف فارس شرف الى تبني برنامج وطني للإصلاح الاقتصادي يدعم الاستقرار المالي والنقدي في المملكة.
في وحوار مع العرب اليوم ضرورة ان يتضمن هذا البرنامج مجموعة من الاجراءات والتدابير التي من شأنها معالجة الاختلالات الداخلية في الاقتصاد المتمثلة بعجز الموازنة المزمن من خلال تخفيض الانفاق الاستهلاكي واعادة ترتيب سلم اولويات الانفاق الرأسمالي بالتركيز على المشاريع الاكثر جدوى.
ومعالجة الاختلالات الخارجية المتمثلة في عجز الحساب الجاري من خلال تعزيز الادخارات المحلية, وخلق البيئة الجاذبة للمزيد من الاستثمارات الاجنبية للمملكة. وزيادة كفاءة السوق المالي بتنويع الادوات المالية وتعزيز السوق الثانوية للاوراق المالية.
وأعلن شرف, ان النمو في التسهيلات البنكية وصل الى 8 بالمئة وهو ما ينعكس ايجابياً على اداء البنوك, لكن في الجهة المقابلة سجلت الديون غير العاملة 1.27 مليار دينار, مرتفعة 110 ملايين دينار في اول 6 شهور لتعكس الاداء الاقتصادي اذ ان بعض العملاء ليست لديهم المقدرة على تلبية الديون جراء تعثر بعض الشركات, كما زادت تغطية المخصصات على الديون غير العاملة الى نسبة 57 بالمئة وكانت 52 بالمئة سابقاً.
وعن الاقتراض الحكومي قال شرف, ان زيادة اقبال الحكومة على الاقتراض الداخلي وبأسعار فائدة مرتفعة يزاحم القطاع الخاص على السيولة ويؤثر على العرض والطلب والمال المتاح للاقتراض.
كما يؤثر ذلك على اسعار الفائدة اذ كانت الحكومة تقترض بداية العام بسعر فائدة 4 بالمئة ووصلت النسبة حالياً ل¯ 7 بالمئة.
ودعا الى العودة لمبدأ الاعتماد على الذات, اذ ان الايرادات الحالية لا تغطي الانفاق الجاري حالياً.
وأعلن شرف ان الانخفاض في الاحتياطات من العملات مطلع العام بواقع 1.2 مليار دينار جاء جراء التحويلات للخارج من أرباح الشركات والفاتورة النفطية إضافة الى المال الساخن.
وعبر شرف عن قلقه من العجز في ميزان المدفوعات أكثر من العجز في الموازنة العامة, وقال: ان مصادر العملة الاجنبية (الحوالات والنشاط السياحي والاستثمار) لا تسير بالاتجاه الصحيح جراء الربيع العربي وارتفاع اسعار النفط والسلع وفاتورة الاستيراد.
وكشف ان المشاكل الاقتصادية الاردنية ليست ذات أسباب خارجية وإنما لها وجهة وأسباب داخلية, بدأت بسياسة الدعم التي عاكست كل الإصلاحات الاقتصادية في آخر 20 سنة.
وقال شرف: 81 بالمئة من فاتورة الدعم تذهب الى أغنى 60 بالمئة من المواطنين وادنى 40 بالمئة من المواطنين ينالون خمس فاتورة الدعم (19 بالمئة).
واعتبر ان سياسة الدعم خلقت مشاكل اجتماعية لأن الغني هو الذي يحصل على الدعم وهذا أثر على سلوك الاستهلاك, فبدل الترشيد زاد إنفاق الأغنياء وهذا خلق خللا هيكليا في الاقتصاد.
ودعا الى بناء قوانين موازنة لمدة 3 سنوات لا تتغير مضامينها بتغيير الحكومات اضافة الى ان تتواءم مع البرامج التنموية التي تعدها الحكومة.
وطالب شرف ببناء برنامج اقتصادي وطني ل¯ 3 سنوات مقبلة والا فالبديل هو العودة الى برامج اقتصادية مفروضة من الخارج. نافياً ان يكون صندوق النقد الدولي قد بحث هذا الموضوع, ولكن اذا استمرت الزيادة في العجز والإنفاق, سنضطر إلى اللجوء لسياسات صعبة, سواء مع الصندوق او ببرامج محلية.
وتوقع شرف ان يصل النمو الى 3 بالمئة او اقل من مستوى العام الماضي, وهو مستوى اقل من المتوقع والمستهدف والمرغوب, وهذا ما سيؤثر على دخل المواطن والناتج المحلي.
واعتبر ان الشركات المتعثرة مشكلتها في المديونية وقلة الايرادات مقارنة مع الأقساط وهي مشكلة قديمة لحصولها على تسهيلات اكبر من القدرة على السداد, في ظل التباطؤ الاقتصادي الذي حصل وقد جربنا حل هذه المشاكل عبر اعادة هيكلة بعض القروض وجدولتها ولكنها بالنهاية اموال مودعين في البنوك يجب ان يتم تغطيتها.
وفي سياق منفصل, قال شرف إن الحديث عن الفساد مؤخراً حوى مظاهر سلبية اذ انها اثرت على القطاعين العام والخاص جراء التردد في اتخاذ القرار وانخفاض الانتاجية, وتراجع الاستثمارات الوافدة, معتبراً ان النجاح ليس ثمرة الفساد دائماً.
برنامج الاصلاح الاقتصادي
وقال شرف: ان عملية الاصلاح الاقتصادي عملية مستمرة يجب ان تستند الى واقع الاقتصاد الوطني والتحديات التي تواجهه, فقد نجحت برامج التصحيح الاقتصادي في ارساء قواعد مستقرة للاقتصاد الوطني, وخلقت اقتصادا قادرا على استيعاب الصدمات وتجاوزها, فنجح بذلك الاقتصاد الوطني في تحقيق معدلات نمو اقتصادي ايجابية خلال العقدين الماضيين وحافظ على الاستقرار المالي والنقدي.
واستدرك: الا ان التطورات الجارية على الساحة الدولية والمتمثلة بالازمة المالية والاقتصادية العالمية اثرت بشكل سلبي على معظم دول العالم بما فيها الاردن ودول المنطقة, وقد تعمقت هذه الآثار السلبية مع بداية هذا العام بسبب الاضطرابات السياسية والامنية التي شهدتها دول المنطقة, وارتفاع اسعار الطاقة والمواد الغذائية عالمياً.
وتابع: كان لهذه العوامل مجتمعة تأثيرها الواضح على زيادة العجز التجاري بشكل كبير كما تراجعت مقبوضات المملكة من العملات الاجنبية بسبب تراجع حوالات العاملين والدخل السياحي بالاضافة الى انخفاض تدفقات الاستثمار الاجنبي مما شكل ضغطاً على الاحتياطات الرسمية من العملات الاجنبية التي ما زالت, رغم ذلك, عند مستويات مريحة وكافية حيث تغطي نحو 7 اشهر من المستوردات حالياً.
وقال: أثرت هذه الظروف على الحساب الجاري الذي سجل عجزا متناميا وكبيرا وقد تزامن مع ذلك تسجيل الموازنة العامة عجزا مستمرا اسهم في قصور المدخرات الوطنية المحلية عن تمويل الاستثمارات المحلية فاتسعت الفجوة بينهما, وهذا بدوره ادى الى تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة ومستويات الفقر.
ووفقاً لمحافظ البنك المركزي تستدعي تلك الاختلالات الداخلية والخارجية سرعة تبني برامج وطنية للاصلاح الاقتصادي تكون اولوياتها الاعتماد على الذات, على ان تراعي هذه البرامج تحقيق جملة من الاهداف هي: تحقيق الاستقرار المالي والنقدي, وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام من خلال التركيز على القطاعات ذات الميزة النسبية.
ومن هذه القطاعات يبرز قطاع السياحة لدوره في زيادة الدخل من العملات الاجنبية وخلق فرص عمل. والقطاع المالي بما فيه البنوك لدوره في حشد المدخرات الوطنية وتوظيفها.
ويحقق البرنامج هدف التخفيف من البطالة ومستويات الفقر وتحسين مساهمة القطاع الخاص في العملية الاقتصادية. ورفع الانتاجية الكلية لعوامل الانتاج.
وأكد ان الهدف الاخير المتعلق برفع الانتاجية يتأتى عبر تطوير رأس المال البشري بتوفير المزيد من التعليم والتدريب المتخصص, والارتقاء برأس المال المادي من خلال توجيهه للقطاعات الاقتصادية الاكثر انتاجية كالمشاريع ذات التقنية والقيمة المضافة العالية ومشاريع البنية التحتية والمشاريع الصغيرة ومتوسطة الحجم.
اضافة الى الحد من القيود التي تعوق عملية الدخول والخروج من والى السوق لا سيما للمشروعات الجديدة, وتطوير قانون المنافسة بما ينسجم مع افضل الممارسات العالمية, وتطوير قانون حماية المستهلك, واصدار قوانين وانظمة العمل التي تضمن العلاقة الايجابية بين اطراف العمل.
ورفع تنافسية الصادرات الوطنية, وتطوير نظام احترافي للقضاء التجاري يتمكن من حل النزاعات وضمان حقوق الملكية للمستثمرين, مع تسريع وتفعيل العمل ببرنامج الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وقال شرف: لا بد أن تستند رؤية الاصلاح الاقتصادي الى استراتيجية وطنية تعتمد على الذات وتتمتع بالمصداقية والشفافية وتتمحور حولها كافة خطوات الاصلاح والتطوير حتى تحقق اهدافها لان انعدام هذه الرؤية او عدم وضوحها سينعكس سلبا على سير عملية الاصلاح ويزيد من تكلفتها الاقتصادية.
وتتطلب الاستراتيجية صياغة برنامج تنفيذي وزمني ينطلق من توصيف الواقع وتحديد نقاط القوة والضعف وتأخذ في الاعتبار حاجات الاقتصاد وفرص تطويره, مع التأكيد على ضرورة تناغم الاهداف المؤسسية قصيرة الاجل مع الاهداف طويلة الاجل لتلك الاستراتيجية.
وأكد انه يجب ان يتضمن هذا البرنامج مجموعة من الاجراءات والتدابير التي من شأنها: أولاً معالجة الاختلالات الداخلية في الاقتصاد والمتمثلة بعجز الموازنة المزمن من خلال تخفيض الانفاق الاستهلاكي واعادة ترتيب سلم اولويات الانفاق الرأسمالي بالتركيز على المشاريع الاكثر جدوى.
ومعالجة الاختلالات الخارجية المتمثلة في عجز الحساب الجاري من خلال تعزيز الادخارات المحلية, وخلق البيئة الجاذبة للمزيد من الاستثمارات الاجنبية للمملكة. وزيادة كفاءة السوق المالي بتنويع الادوات المالية وتعزيز السوق الثانوية للاوراق المالية.
الديون غير العاملة المتعثرة
وقال شرف: ان الاداء البنكي كان افضل من التوقعات نظراً لنمو التسهيلات بنسبة 8 بالمئة وهو ما ينعكس ايجابياً على اداء البنوك, ولكن في الجهة المقابلة سجلت الديون غير العاملة الى 1.27 مليار دينار وتزايدت 110 ملايين دينار في اول 6 شهور ونسبتها الى التسهيلات حوالي 8.4 بالمئة وكانت في نهاية العام الماضي 1.16 مليار دينار.
واعتبر ان هذه الديون غير العاملة تعكس الاداء الاقتصادي اذ ان بعض العملاء ليست لديهم المقدرة على تلبية الديون اضافة الى تعثر بعض الشركات.
واستدرك قائلاً: نظراً لزيادة التسهيلات 9 بالمئة, وربحية البنوك كنسبة من الموجودات (وان ظلت اقل من المستهدف), لكنها ايجابية نظراً للتوقعات بأن عام 2011 سيكون صعباً وان الميزانيات التقديرية لبعض البنوك كانت تقول بذلك ولذلك الأرباح وملاءة البنوك جيدة.
وزاد على ذلك زادت تغطية المخصصات على الديون غير العاملة بنسبة 57 بالمئة وكانت 52 بالمئة سابقاً وجاء ذلك بطلب من البنك المركزي وهذا أثر على ربحية البنوك لكن بالمقابل التسهيلات ارتفعت في 2011 وهذا تسبب في زيادة الارباح.
ومن ناحية كفاية رأس المال الملاءة اشار الى أنها انخفضت قليلاً عن العام الماضي, ولكن نسب الملاءة في نصف العام لا تعكس الموقف الحقيقي وهي حالياً حوالي 19 بالمئة مقارنة مع الحد الادنى 12 بالمئة, وهناك بنوك اقل من 13 بالمئة وبنوك اعلى من 19 بالمئة.
ويرى شرف أن التحدي الاكبر الذي يواجه البنوك حالياً هو الديون غير العاملة, التي ظهرت في العام 2011 بشكل بارز, اذ خرجنا من الازمة المالية وتعثرت بعض الشركات, واصدرنا تعليمات للبنوك بأن تدير حسابات هذه الشركات بشكل يهدف الى إنجاحها لكن بعض هذه الشركات غير قادر على السداد وخدمة الدين, وبالتالي البنك يضطر الى أخذ مخصص مقابل هذه الديون.
ويرى شرف أن زيادة التسهيلات زادت من نسب الانتعاش في قطاع الانشاءات وقطاعات اخرى.
وتتركز التسهيلات بشكل واضح في بعض القطاعات اذ تصل في مجال الطاقة مصفاة البترول الاردنية وشركة الكهرباء الوطنية الى 1.5 مليار دينار. ورغم ذلك فإن التسهيلات موزعة على اغلب الانشطة الاقتصادية. كالانشاءات والعقار الذي زاد وحده (5) بالمئة, والاتصالات والتعدين..الخ.
الاقتراض الحكومي
وذكر شرف أن مشكلة الحكومة في ارتفاع الانفاق, اذ انه بعد ملحق الموازنة الاخير سجل الانفاق 6.9 مليار مقابل ناتج محلي اجمالي 21 مليارا, وهي نسبة مرتفعة وتمول من الضرائب ومن المساعدات الخارجية, ولكن يجب ان يكون هناك سياسة اقتصادية وان لا يتجه الانفاق الحكومي الى الجاري مثل خدمة دين ورواتب..الخ.
وقال: بالنسبة للتسهيلات الموجهة للقطاع الخاص فسجلت 13 مليار دينار وباقي قيمة التسهيلات دين حكومي. اذ ان الاقتراض الحكومي الداخلي يزيد عبر سندات خزينة او اذونات خزينة والادوات الاخرى التي شرعها القانون, وتختلف اسعار الفائدة حسب المدة ومؤخراً وصلت لبعض السندات الى 7 بالمئة.
واوضح انه مع ارتفاع حجم اقبال الحكومة على الاقتراض الداخلي وبحجم كبير وبأسعار فائدة مرتفعة الى حد ما يدفع ذلك الى مزاحمة القطاع الخاص على السيولة واحجام القطاع المصرفي عن اقراض القطاع الخاص مقابل الحكومة, وعلى العرض والطلب والمال المتاح للاقتراض الذي يذهب الى القطاع العام.
ويرى محافظ البنك المركزي, ان ذلك يؤثر على اسعار الفائدة اذ كانت الحكومة تقترض بداية العام بسعر فائدة 4 بالمئة وحالياً 7 بالمئة, اضافة الى رصيد المصادر التمويلية.
واشار ان الاقتراض بشكل عام, ذو اثر سلبي, فكما هو يؤثر على السيولة في الجانب المحلي منه, فان الاقتراض الخارجي له مخاطر هو الآخر, حيث يؤثر مثلاً على رصيد العملات الأجنبية.
الحاكمية الرشيدة
وفي سياق متصل, ذكر شرف ان القطاع المصرفي الاردني يركز حالياً على نوعية الاصول وطبيعة التسهيلات وان يكون العميل ذا قدرة على السداد, معتبراً ان ما يهم القطاع بغض النظر عن أية تذبذبات في البيئة الاقتصادية, ان يكون مليئا وفعالا ومنافسا. ويلبي معايير دولية وبحاكمية رشيدة.
وقال ان البنوك تبقى قطاعا خاصا, ولكن هناك رقابة من البنك المركزي وهو حلقة ضمن حلقات اخرى للرقابة كالهيئات العامة والمدقق الخارجي والادارة التنفيذية ومجالس الادارة, وبالنهاية القطاع المصرفي قطاع خاص يهدف للربح, ونحن نركز على الالتزام بالحاكمية الرشيدة والرقابة وادارة المخاطر والالتزام بالقوانين.
ورداً على استفسار حول ان الاردن كل فترة يخضع لأزمة مصرفية, ذكر شرف, ان البنك المركزي يتحمل العبء في الرقابة لكن المشاكل تحدث في دول العالم كافة.
وعن المعالجات القوية لبعض الاختلالات في القطاع البنكي, اشار انها تحتاج الى رقابة فعالة متواصلة.
وعن الرقابة على سلوكيات اعضاء مجالس الادارة, ذكر انه لا توجد الآن معايير واضحة لعضوية مجلس الادارة في البنوك, والقانون يضع بعض المحددات لكنها غير قوية.. لكن يجب ان نوازن بين ملكية الشركة وادارتها التنفيذية ويجب ان تكون الادارة فنية ومتخصصة, ومجلس الادارة دوره رقابي ورسم السياسات.
وقال: لكن مستوى كفاءة بعض الاعضاء في مجالس الادارة ليس بالمستوى المرغوب.
الاقتصاد الكلي
وعن مواطن الضعف في الاقتصاد الوطني والهيكل النقدي للدولة, اشار الى انها تتركز في الرؤية, والحكومة تتحدث عن الاقتصاد الاجتماعي, والجميع مع العدالة والنمو الشامل, وما يهمنا الاستقرار والاعتماد على الذات, ولكن ما ظهر مؤخراً من السياسات الاقتصادية غاب عنه مفهوم الاعتماد على الذات اذ ان الايرادات لا تغطي الانفاق الجاري.
واشار الى وجود ازمات اقتصادية, مالية, وسياسية, ولكن يجب ان نفكر في الاستقرار الكلي للاقتصاد, وان لا تكون الحلول قصيرة المدى تؤثر على الاستقرار الاقتصادي طويل المدى.
وعن دور البنك المركزي في هذا الجانب, دعا شرف الى سياسة نقدية حصيفة, والتركيز على عجز الموازنة وخفضه, وانتاجية القطاع الخاص.
وعن التنسيق في السياستين المالية والنقدية, قال ان التشاور موجود, ولكن التنسيق في السياسات يجب ان لا يكون موجودا دائماً فإذا عمدت الحكومة الى انفاق 7 مليارات دينار يجب على المركزي اتخاذ سياسة عكسية حتى لا يؤثر على سعر الدينار والاستقرار النقدي والتضخم, ولهذا جاء مفهوم استقلالية السياسة النقدية والبنك المركزي.
وقال شرف: لذلك يجب ان يكون هناك توازن في السياستين أكثر منه تنسيقا.
الاحتياطات الاجنبية
وعن الانخفاض في الاحتياطات من العملات, قال, انها انخفضت منذ بداية العام جراء التحويلات للخارج التي جاءت نتيجة الفاتورة النفطية وأرباح الشركات الكبرى المملوكة للخارج يتم تحويلها للخارج. إضافة الى المال الساخن الذي خرج جراء تخوفات لدى البعض, وبالتالي انخفضت الاحتياطات 1.2 مليار دولار, ومن ثم ارتفع مع المساعدات الخارجية وحالياً يبلغ 11.6 مليار وتغطي 7 أشهر ونصف الشهر مستوردات. حيث ان انفاق المساعدات الخارجية سيكون بالدينار وبالتالي لن تتأثر الاحتياطات.
العجز في ميزان المدفوعات
وعبّر محافظ البنك المركزي, عن قلقه من العجز في ميزان المدفوعات أكثر من العجز في الموازنة العامة, حيث يمول العجز في ميزان المدفوعات من التدفقات الرأسمالية الاجنبية, واذا لم تمول من هذا الجانب فيمول من الاحتياطي الاجنبي.
وقال ان الاستثمار جزء من المعادلة في ميزان المدفوعات, ولكن الانتاجية والاستهلاك جزء من المعادلة ايضاً.
وعن مصادر العملة الاجنبية (الحوالات والنشاط السياحي والاستثمار) وهل تسير بالاتجاه الصحيح? اجاب شرف بالنفي وسبب ذلك أحداث الربيع العربي وارتفاع اسعار النفط والسلع وفاتورة الاستيراد, اذ ان الربيع العربي, أثر على الحوالات والاستثمار الخارجي وعلى السياحة وعلى اسواق الصادرات وخاصة في افريقيا. واهم عنصر في هذا الموضوع, هو تراجع الاستثمار الخارجي الذي تباطأ بشكل واضح ولا يتوقع ان يستمر بشكل مطول.
واضاف: في الربع الاول انخفض الاستثمار الاجنبي 34 بالمئة والحوالات تراجعت بنسب اقل والدخل السياحي يتجه الى الانخفاض.
المعضلات الاقتصادية ومكامن الضعف
وعن الفرص المواتية للأردن كدولة مستقرة وسط الاضطراب في المنطقة, قال: يجب أن تبنى السياسات على تحسين البيئة الاستثمارية ومنافستها, ويجب أن لا تبنى السياسات على الكوارث في المنطقة.
وقال ان المشاكل الاقتصادية ليست ذات أسباب خارجية وإنما أسباب داخلية, ونحن بدأنا بسياسة الدعم مجدداً وهذه السياسة عكست كل الإصلاحات الاقتصادية في آخر 20 سنة.
وقال ان مشكلة سياسة الدعم في الاقتصاد الأردني انها موجهة للأغنياء وليس للفقراء: انا لست ضد الدعم, 81 بالمئة من فاتورة الدعم تذهب الى أغنى 60 بالمئة من المواطنين وادنى 40 بالمئة من المواطنين ينالون خمس فاتورة الدعم (19 بالمئة).
وقال ان سياسة الدعم خلقت مشاكل اجتماعية لأن الغني هو الذي يحصل على الدعم وهذا أثر على سلوك الاستهلاك, فبدل الترشيد زاد إنفاق الأغنياء وهذا خلق خللا هيكليا في الاقتصاد.
وأكد انه في سياسة دعم أسعار المحروقات يظهر الخلل الهيكلي وفي تعرفة الكهرباء ايضاً فالفقراء لا يستهلكون 750 كيلو واط, التي جرى تثبيت التعرفة عندها, كما أن الاسواق الموازية مثلاً أثرت على القطاع الخاص. واعتبر ان هذه الرؤية تخالف الرؤية الاقتصادية التي طبقناها في آخر 20 سنة, فبدلاً من تحفيز القطاع الخاص لخلق فرص العمل, عمدت الحكومة الى التعيين في الجهاز الحكومي وهذا ذو آثار سلبية على الموازنة في المستقبل وعلى كفاءة الاقتصاد الكلي.
ودعا إلى ضرورة توجيه الإنفاق, في ظل الحجم الكبير للموازنة والتركيز على أولويات الانفاق.
وعن مواطن الضعف في الاقتصاد الكلي, ذكر انه يتركز في زيادة عجز ميزان المدفوعات اي ان الاقتصاد يستهلك اكثر مما ينتج, والعجز المالي وارتفاع نسب البطالة وانخفاض كفاءة العاملين وان لا تحل البطالة عبر التعيين الحكومي. وما نحتاجه هو النمو ويأتي عبر الإنتاجية والكفاءة والقطاع الخاص الذي يستثمر ويعين ويدرب.
تحفيز القطاع الخاص
وعن شعور القطاع الخاص بالغبن جراء السياسات الحكومية تجاهه في السنوات القليلة الاخيرة, اشار الى ان الشراكة بين القطاعين العام والخاص, لا تأتي بالحوار فقط, وانما بعدم معاقبة القطاعات الناجحة وفرض الضرائب عليها, بل على العكس تماماً يجب تحفيز النجاح.
فقطاعا البنوك والاتصالات, يدفعان نسبا كبيرة من فاتورة الضرائب, ويعينان كوادر هائلة اضافة الى انهما يدربان الموارد البشرية ويستثمران في التقنية, وتقدم خدمة عالية, ولكن السياسات الضريبية توجه اليهما.
وقال: يجب ان تبنى سياسات لتحفيز القطاع الخاص للنمو, وسياسات الحكومة تتجه عكس ذلك, فبدل توجه الانفاق لتحفيز هذه القطاعات يذهب الانفاق الى التعيينات وبدل تشجيع القطاع الخاص تتوجه اليه الضرائب.
الاقتصاد بعد برامج التصحيح
ورداً على سؤال حول عدم وجود برامج اقتصادية بعد برنامج التصحيح الاقتصادي, أكد ان البرامج المحلية لم يغلب عليها المؤسسية وبعد التخرج من برنامج التصحيح الاقتصادي, تضاعف عجز الموازنة وزاد انفاق الحكومة وتضاعف الدين العام.
وقال: ان الاصلاح الاقتصادي الذي استهدفه صندوق النقد, ارتكز على الاصلاح المالي وخاصة عجز الموازنة والإنفاق الحكومي ونوعية إيرادات الحكومة ومرونة اسواق العمل والسلع والاسواق الخارجية وتحسين السياسة التجارية وجذب الاستثمار الخارجي. اذ يوجد لدينا قوانين اقتصادية يجب تحديثها, وهناك بيئة بيروقراطية ليست متطورة إضافة إلى مصداقية الأداء الحكومي ففي الموازنة هناك بنود تظهر فجأة وكلما تغيرت الحكومة تغيرت السياسات. فلماذا لا يتم بناء قانون موازنة ل¯ 3 سنوات بدلاً من تأثير التغيير الحكومي?!
وطالب شرف ببناء برنامج اقتصادي وطني ل¯ 3 سنوات مقبلة, والا فإن البديل هو العودة الى برامج اقتصادية مفروضة من الخارج.
ونفى ان يكون صندوق النقد الدولي قد بحث مثل هذا الموضوع, ولكن اذا استمرت الزيادة في العجز والإنفاق, سنضطر إلى اللجوء لسياسات صعبة, سواء مع الصندوق او ببرامج محلية, ولكن علينا الاستمرار في الاصلاحات التي بدأنها سابقاً, وعبر برنامج عمل عابر للحكومات.
وعن البرنامج التنموي التنفيذي قال ان الخطة مبنية ل¯ 3 سنوات ولكن مرتبطة بقوانين موازنة لمدة سنة, وتساءل لماذا لا يتم بناء قانون موازنة لسنوات 3 مقبلة?, فحتى قانون موازنة سنوي يظهر فيه ملاحق موازنة, وهذا يأتي جراء عدم الالتزام بالسياسات الاقتصادية.
النمو الاقتصادي
ويتوقع ان يصل النمو الى 3 بالمئة, وان يكون اقل من المتوقع والمستهدف والمرغوب, وهذا يؤثر على دخل المواطن والناتج المحلي.
وعن مسلسل التراجع الربعي في النمو الاقتصادي, قال شرف: ان التعافي بدأ في نهاية العام 2010 وهناك مؤشرات في الاستثمار والصادرات والسياحة, ولكن الربيع العربي وزيادة اسعار السلع العالمية, وما كنا نتوقعه في 2011 من نمو يصل بين 4 الى 5 بالمئة وهذا ما ايدنا هذا الرأي في قانون الموازنة العامة ايضاً تراجع جراء الازمة السياسية والاقتصادية العالمية. وهو ما اثر على المستثمر الاجنبي والمحلي. وعلى القرار الاستراتيجي للشركات, واصعب اثر كان على نفسية المستثمر.
وفي مجال النمو يتوقع ان يصل الى ذات مستويات العام الماضي او اقل بقليل.
وعن توقعاته للعام ,2012 يبدي شرف تفاؤله حيال الاقتصاد الكلي رغم انه يرى ان الميزانيات التقديرية للبنوك جاءت بصيغة متحفظة, ففي الجانب الخارجي, هناك برنامج اقتصادي امريكي يظهر تحسناً اقتصادياً, والازمة الاوروبية قد تطول نوعاً ما لكن ازمة الديون السيادية الاوروبية سيتم حلها, وفي المنطقة العربية فإن دول الخليج العربي تشهد استقرارا اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا الا ان منطقة شمال افريقيا وسورية ستبقى تحت وطأة تداعيات الاوضاع الامنية على الاقتصاد لفترة اطول.
لكن في الأردن دخلنا في أزمة عالمية وأزمة إقليمية ومشاكل داخلية, (معدل الأسعار والبطالة والفقر) ولكني متفائل رغم مشاهدات السوق التي تظهر ردات فعل وليس مؤشرات ومتغيرات اقتصادية, والربع الثالث 2011 يتوقع ان يبقى صعباً وعادة ما يكون الربع الرابع ذا اداء اقتصادي افضل.
أسعار الفائدة
وعن أسعار الفائدة, أكد شرف أنها تعكس عدة متغيرات في الاقتصاد كالعجز في الموازنة والسيولة المحلية وميزان المدفوعات والطلب على التسهيلات والاستثمار الخارجي.
واشار شرف: يجب ان ينظر إلى اسعار الفائدة في البيئة الاقتصادية ككل, اذ لدينا في الاردن سياسة الربط بين الدينار والدولار, ويجب ان يبقى لدينا هامش يعزز تنافسية الدينار والطلب عليه والنظر إلى المخاطر التي يجب ان يتم التطلع اليها إضافة إلى التضخم.
وكشف أن المراجعة لأسعار الفائدة تجرى يومياً نظراً للمتابعة اليومية للمتغيرات الاقتصادية والنقدية.
الشركات المتعثرة
وعن شكوى القطاع الخاص من التشدد من قبل البنوك, ومطالبة البعض بصندوق لمساعدة الشركات, ذكر محافظ البنك المركزي انه مرت فترة من التشدد البنكي جراء الازمة المالية, ولكن حالياً وفي اول 6 شهور من عام 2011 نمت التسهيلات وصولاً الى مليار دينار, والشركات المتعثرة مشكلتها في المديونية وقلة الايرادات مقارنة مع الأقساط وهي مشكلة قديمة لحصول هذه الشركات على تسهيلات اكبر من القدرة على السداد, في ظل التباطؤ الاقتصادي الذي حصل وقد جربنا حل هذه المشاكل عبر اعادة هيكلة بعض القروض وجدولتها ولكنها بالنهاية اموال مودعين في البنوك يجب ان تتم تغطيتها.
وعن التدخل الحكومي, لحل مشكلة الشركات المتعثرة كما حصل في الدول الغربية وخاصة مع قدرة التوظيف العالية لدى هذه الشركات, ذكر ان الحكومات تدخلت عبر السياسات المالية وضخ السيولة ولكن لدينا لا يوجد هذه الموارد المرتفعة كما في الدول الغربية وعلينا البحث في الحلول الإبداعية والابتكارية, كإعطاء تخفيضات ضريبية لتحفيز المستهلك كما عملت الحكومة من تخفيضات في القطاع العقاري.
وحول التوسع في الإجراءات الحكومية لإنقاذ الشركات المتعثرة قال إن الموارد المالية محدودة في هذا المجال.
وقال إن الشركات التي تأثرت بالوضع الاقتصادي بنت أعمالها عبر التمويل المصرفي وليس عبر رأس المال.
غسل الاموال
وعن موضوع غسل الأموال, قال شرف: انه تم تأسيس وحدة خاصة لمكافحة غسل الأموال, وهذه الوحدة مستقلة إداريا وماليا في البنك المركزي.
وقال: هذه الوحدة تطلب العمليات المشبوهة وتحقق فيها وترسلها للمدعي العام الذي يتثبت منها, والإخطارات تأتي للبنك المركزي الذي يسهم في التثبت منها. وغسل الأموال يعتبر جريمة جنائية, والوحدة تحول إلى المدعي العام قضايا غسل أموال.
الفساد
وعن الحديث عن ملفات الفساد والتوجه لمكافحتها, قال انها حوت مظاهر سلبية اذ انها اثرت على القطاعين العام والخاص وحالياً هناك تردد في اتخاذ القرار حتى في القطاع الخاص واثر على الانتاجية, والمستثمر يتخوف في هذا المجال, ايضاً.
واعتبر شرف ان النجاح الاقتصادي ليس ناجما عن الفساد دائماً.
مؤشرات مصرفية
وأعلن شرف أن نسبة القروض المتعثرة الى اجمالي القروض البنكية بلغت 8.4 بالمئة في النصف الاول من العام الحالي مقارنة مع 8.2 بالمئة نهاية عام 2010 و6.7 بالمئة نهاية عام .2009
وبالقيمة المطلقة سجلت هذه القروض المتعثرة 1.27 مليار دينار في النصف الاول من العام مقارنة مع 1.159 مليار بنهاية العام الماضي و876.5 مليون دينار بنهاية .2009
أما نسبة تغطية المخصصات لهذه القروض غير العاملة فقال شرف انها ارتفعت الى 56.8 بالمئة في نهاية حزيران الماضي مقارنة مع 52.4 بالمئة نهاية العام الماضي و52 بالمئة نهاية .2009
اما نسبة كفاية رأس المال فبلغت بنهاية النصف الاول 18.4 بالمئة مقابل 20.3 بالمئة نهاية العام 2010 و19.6 بالمئة نهاية العام .2009
وفي جانب العائد على حقوق المساهمين فقد استقر العام الماضي بنفس مستواه للعام 2009 وبنسبة 8.8 بالمئة فيما سجل بنهاية النصف الاول 4.7 بالمئة.
في حين سجل العائد على الاصول في القطاع البنكي الاردني 0.6 بالمئة بنهاية النصف الاول من العام مقابل 1.1 بالمئة نهاية العام الماضي وذات النسبة في .2009
وأعلن محافظ البنك المركزي ان صافي الارباح قبل الضرائب في القطاع البنكي بالنصف الاول بلغ 276.4 مليون دينار في حين سجلت 523.4 مليون دينار بنهاية عام 2010 و460.4 مليون دينار في .2009
اما صافي الارباح بعد الضرائب فسجلت في النصف الاول 204 ملايين دينار وفي العام الماضي 365.7 مليون دينار وعام 2009 حوالي 333 مليون دينار.
وسجلت نسبة السيولة بنهاية النصف الاول 145.5 بالمئة مقارنة مع 161.4 بالمئة للعام .2010
اما نسبة النمو في اجمالي الاصول فسجلت 4.6 بالمئة في النصف الاول مقابل 9.6 بالمئة في 2010 و7.4 بالمئة العام .2009
وذكر ان النمو في ودائع العملاء للنصف الاول بلغ 3.1 بالمئة وفي العام الماضي 10.9 بالمئة و12.1 بالمئة للعام .2009
وعن النمو في التسهيلات فسجل في النصف الاول من العام الحالي 7.8 بالمئة مقارنة مع 8.6 بالمئة في عام 2010 و2.1 بالمئة في عام .2009