وين راحت المصاري!



من حـق وزير التخطيط أن يقلل من أهمية تأجيل دفع المنح والمساعدات الأميركية لحين الوفـاء بشروطها وفي المقدمة توفر الشـفافية والمعلومات حـول كيفية صرف المساعدات على المشاريع الممولـة ، فالدول المانحـة تريد أن تعرف: وين راحـت المصاري ، وهـل تم صرفها بالشكل المتفـق عليه.

تأخير الدفع حتى نهاية السـنة لا يعني أن الدفع مضمـون ما لم تقـم الجهات التي حصلت على تمويل خارجـي بتزويد الجهـة التي تتبـع لها أو مسجلة لديها بنسـخة من التقارير والدراسات والنتائج الصادرة عنها وتتعلق بالمشاريع التي تنفذها والممولـة من الخارج. وحتى بعـد ذلك يجب أن ترضى الدولة المانحـة عن تلك النتائج.

هذه الشروط لا تنطبق على الجهات الحكومية فقط ، بل تتناول أيضاً الجمعيات الأهلية ومؤسسـات المجتمع المدني الممولـة من الخارج ، والتـي يريد المانح أن يتأكد من أن أمواله تصرف بالشكل الصحيح وتعطي النتائـج المتوقعة. ويشـمل ذلك مراكز البحث بالتمويل الأجنبـي التي يعتبرها البعض قنوات استخبارية تساعد الدولة الأجنبيـة المانحـة على وضع إصبعها على نبض الشارع المحلي ، حتى لا تتفاجـأ بالأحداث.

سوف ننتظر حتى منتصف كانون الأول القادم لنعرف ما إذا كانت الجهات المستفيدة من التمويل الأجنبي قد التزمت بشروطه ، أم أن المنح المقررة سـوف ُُتعلق إلى أجل غير مسـمى.

شـروط المانح الأميركي لا تقـف عند الاطمئنان على حسـن استخدام الأموال الممنوحة ، بل تتطلب أيضاً صدور تشريعات معينة للشفافية والحريات العامة وتشجيع الاسـتثمار وتمكين المرأة والشـباب. وليس معروفاً لماذا يكون المانح الأجنبـي أكثر اهتماماً من الحكومة الأردنية في مجال الشفافية والحريات العامة ومناخ الاسـتثمار حتى تضطر للقيـام بواجباتهـا تحت الضغط الخارجي.

مهمة وزير التخطيط لن تكون سـهلة ، فعليه أن يبيـن للدولة المانحـة أسماء المدارس التي بنيت والمستشفيات التي جرى تأهيلها ، وصدور تشريعات تخص الحريات العامة والمرأة والشـباب ، وهي فرصة لكي يوقـع بدوره الضغط على الجهات المعنيـة للقيام بالواجبات المناطة بها ، فالمنح الأجنبيـة لا تأتي بدون شـروط ، وعلى من لا يحب أن تفرض عليه شـروط أن يسـعى للاكتفاء الذاتي والاستغناء عن المساعدات ، وأن يقـوم بالواجب دون انتظار الضغوط الخارجية.