عمر كلاب يكتب : غياب الاخوان عن سفارة الأمريكان

منذ الانحسار الشعبي عن المشاركة في أنشطة المعارضة الشارعية ارتفع صوت يتحدث عن ارتفاع سقف الشعار مقابل الانحسار ، كتمرين ذهني أو مناورة بالذخيرة الحية لرفض الاعتراف بالفشل و عدم القدرة و المقدرة على جذب الاغلبية لشعار الأقلية غير المدروس و غير المعبر عن نبض الشارع الشعبي رغم الادعاء الدائم بتمثيله و الحديث باسمه و لسانه .

حُمّى الربيع العربي و الثورات انتقل إلى الشوارع العربية قاطبةً ، فمخزون الغضب و الاستلاب وجد متنفسا كي يقول الشعب كلمته ، فالحالة الشعبية العربية واحدة في كل الاقطار و المظالم السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية تكاد تكون مستنسخة رغم الخصوصيات القطرية و المناطقية .

الذي اختلف عمليا هو استجابة الأنظمة السياسية لهذه المظالم المشروعة و الحقيقية ، فهناك أنظمة اختارت مواجهة الحاضر بأدوات الماضي فسبقها شارعها فكان مصيرها الرحيل بلا كرامة أو مهابة , إما بدعم خارجي واضح المعالم و التأهيل أبو دعم لوجستي يشوبه غموض التمويل .

أردنيا ثمة غائب عن عقل المعارضة الفردي و الجمعي وهو حساسية النظام حيال الحراك الشعبي و سرعة الاستجابة له ، فالملك يملك اعصابا ذاتية في التواصل مع المجتمع الأردني بكل تلاوينه و اطيافه السياسية و الاجتماعية ، و هناك أساسات في البناء العلائقي مع الأردنيين ، فتراه في المحافظات و المخيمات و مع الشركس و الشيشان و رجال الدين المسيحي والإسلامي، قبل ان ينتقل إلى لقاءات مع الاحزاب الإسلامية و الوسطية واليسارية ، فتراث العلاقة وحاضرها غير مخدوش بدم لا سمح الله و لا يوجد سدود و حواجز في التواصل الاجتماعي و المجتمعي .

كل هذا أوصل رسالة الناس إلى الملك مباشرة و دون وسائط لتأتي المبادرات الملكية ملبية لطموح الشارع الشعبي دون الحاجة لكل أشكال الاحتجاج التي عصفت بالشوارع العربية و كرّست الغربة بين الأنظمة و الشعوب .

كان المطلوب من القوى السياسية الاردنية دعم الاستجابة الملكية بتوفير جسم منظم لديه فكر واستراتجية للقيام بتغيير تدريجي و مثابر ، لان عكس ذلك يعني استمرار العمل والحكم بالعناصر السابقة المنبثّة في كل قطاع من قطاعات الدولة و المجتمع .

فحماية الثورات تأتي عبر تخطيط و استراتيجيات لان البلاد _ اي بلاد _ لا تحكم عفويا خاصة في مجتمع يملك هويات متعددة جرى تسييسها في فترات مختلفة و في ظل ظروف جيو سياسية مستبّدة .

فأي معارضة ذات طابع مذهبي أو اقليمي أو عشائري سوف تفشل أردنيا ، لان الدولة لا تستند في مواجهتها الى اجهزة و اصحاب مصالح بل الى جماهير واسعة ترى نفسها متضررة إذا جاءت هذه المعارضة الى الحكم .

والأهم ان النظام الملكي الأردني يملك شرعيات و امتدادات قادرة على الاستمرارية و اجراء الاصلاحات في ظله , بدليل ان خطاب الملك الأخير كان محط اجماع كل الاطياف السياسية والاجتماعية والاقتصادية تحديدا في مجال الهوية الجمعية واختيار ساحة الفكر والثقافة لتعزيزها ودعمها ومواجهة العابثين بها , على عكس انظمة تختار بالعادة السلوك القمعي والمدى الشرطي لتكريس الرأي .

الثورة في الأردن اصطلاحا نجح الملك في ان يكون قائدها وملهمها لذلك تحرك أصحاب الرأي الجامد والحسابات الاقليمية عكس مجرى التاريخ الأردني والجغرافيا ومن هنا يأتي انحسار المشاركة الشعبية ، وبدل ان تحاول تلك القوى اعادة قراءة موقفها بالنقد والنقد الذاتي مارست « الغيّ والاستلاب « فرفعت سقف الشعار كي تختطف حضورا ودورا وتغطية اعلامية مفتونة بالشعار العالي لاستمرار الهيمنة على رذاذ الفضاء من خلال فتح المجال الفضائي للمخالفين والرافضة لا للمعارضين .

فحزب جبهة العمل الاسلامي يعتصم امام مجلس النواب ولكنه يرفض تسليم مذكرة للبرلمان لانه غير شرعي و كأن الشرعية يمنحها الحزب لابرز سلطة في الدولة و هي السلطة التشريعية وليس الدستور و هذا كشف اما بجهل او بوعي ان الحزب فقد حمايته الدستورية بعدم الاعتراف بسلطة التشريع التي ستقر كل القوانين القادمة لتحسين الحياة السياسية وحماية هذه القوانين دستوريا ، قبل ان يغيب الاخوان عن الاعتصام امام سفارة الامريكان لان تلك السفارة هي من ستمنحهم الحماية مستقبلا حسب سلوكهم , فكيف تعتصم امام البرلمان و تغيب امام سفارة الامريكان .

يجب قراءة حراك جبهة العمل و جماعة الاخوان بعناية وحذر فقد استعذبوا الرضاعة من فوق اللجام و هذا منتهى الخطر ..... و للحديث بقية .