أسواق النفط تسجل أطول سلسلة تراجعات متواصلة في 6 جلسات

في أطول سلسلة من التراجعات المتواصلة، انخفضت أسعار نفط الأوبك بنسبة
12.3 % المائة، في حين فقد سعر مزيج خام برنت نسبة 15 % من قيمته خلال جلسات التداول الست الأولى من آب (أغسطس) 2019 وذلك على خلفية تصاعد النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين. وفقا لتقرير كامكو حول أداء أسواق النفط العالمية.
وبدأ الشهر بإعلان الرئيس الأميركي فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10 % على واردات صينية بقيمة 300 مليار دولار أميركي ابتداء من أيلول(سبتمبر) 2019 بما ساهم في تفاقم مخاوف الطلب على النفط بينما تواصل الولايات المتحدة الإنتاج بمستويات مرتفعة.
وأظهرت البيانات الصادرة مؤخراً عن مختلف الوكالات الاقتصادية حول العالم إلى تباطؤ اقتصادي عالمي وشيك. وقد أدى ذلك إلى التأثير سلباً على إمكانية إعادة التوازن لسوق النفط خلال العام الجاري كما كان متوقعاً في وقت سابق، وساهم في دفع المحللين إلى خفض توقعات الطلب على النفط. من جهة أخرى، لعبت القضايا الجيوسياسية في منطقة الخليج المسؤولة عن توفير أكثر من 23 % من النفط العالمي، دوراً لا يكاد يذكر على صعيد أسعار النفط حيث كان تأثير المخاوف الاقتصادية على الأسعار أكثر بروزا.
فمن جهة، لم يتم بعد التوصل إلى حل للنزاع التجاري الأميركي – الصيني الذي يواصل القاء ظلاله على نمو الاقتصاد العالمي.
وفي الجهة المقابلة، تتزايد الأرقام قتامة في ظل صدور العديد من البيانات السلبية التي تراوحت ما بين تراجع الإنتاج الصناعي في الصين وانخفاض مبيعات السيارات في الهند وصولا إلى تراجع الصادرات الألمانية. وأدت النقاط المرجعية للبيانات إلى تزايد مخاوف المستثمرين والتسبب في قدر هائل من التقلبات في الأسواق المالية والسلع. حيث أظهرت أحدث البيانات الصادرة عن الصين نمو الإنتاج الصناعي في تموز (يوليو) 2019 بأبطأ وتيرة منذ 17 عاماً، في حين أظهرت كل من الواردات ومبيعات التجزئة دلالات على انخفاض الاستهلاك المحلي في ظل محاولات الحكومة معالجة تلك المشاكل من خلال تقديم الدعم وخفض معدلات الإقراض من قبل البنوك. وفي نفس الإطار، سجل قطاع السيارات في الهند انخفاضا بنسبة 18.7 % في مبيعات سيارات الركاب فيما يعد أعلى وتيرة تراجع شهرية يسجلها منذ 18 عاما.
أما على صعيد الطلب على النفط، خفضت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها للعام الحالي حيث سجلت أبطأ نمو في الطلب منذ العام 2008 خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام.
ووفقا لأحدث التقارير الشهرية الصادرة عن الوكالة، تراجع الطلب للمرة الثانية هذا العام في أيار (مايو) 2019 حيث بلغ إجمالي نمو الطلب خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام 520 ألف برميل يومياً نتيجة لضعف الطلب من جهة الهند والولايات المتحدة والذي قابله جزئياً نمو الطلب من الصين.
من جهة أخرى، ذكرت الوكالة أن توقعات الطلب ما تزال هشة وقامت بخفض توقعات نمو الطلب للعام 2019 بأكمله بواقع 100 ألف برميل يومياً ليصل إلى 1.1 مليون برميل يومياً وبواقع 50 ألف برميل يومياً للعام 2020 وصولا إلى 1.3 مليون برميل يوميا. إلا ان وكالة الطاقة الدولية توقعت زيادة الطلب خلال النصف الثاني من العام 2019 وهو الأمر الذي من شأنه المساهمة في تحسين أوضاع السوق. وفي خطوة مماثلة، قامت الأوبك ايضا بخفض توقعات نمو الطلب للدول غير الأعضاء خلال العام 2019 بواقع 40 ألف برميل يوميا معللة السبب إلى المشاكل الاقتصادية، إلا انها ذكرت ايضاً ان الامدادات ستكون أقل من التوقعات السابقة. وفي ذات الوقت، واصلت الأوبك خفض الإنتاج خلال تموز (يوليو) 2019 إلى أقل من مستوى 30 مليون برميل يومياً.
وبعد أن شهدت أسعار النفط تحسناً هامشياً على أساس شهري في تموز (يوليو) 2019، عاودت تراجعها في آب (أغسطس) 2019 مع وصول سعر مزيج خام برنت إلى 55.03 دولار أميركي للبرميل كما في 7 آب (أغسطس) 2019، متراجعاً بنسبة 6.1 % خلال يوم واحد فقط. وانخفضت الأسعار إلى ما دون مستوى 60 دولارا أميركي للبرميل للمرة الأولى منذ نهاية كانون الثاني (يناير) 2019 مع انخفاض متوسط الأسعار في النصف الأول من الشهر بأكثر من 8 %على أساس شهري. ويعزى هذا التراجع الشديد منذ بداية الشهر إلى تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين مع قيام الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية إضافية على البضائع الصينية. بالإضافة إلى ذلك، فإن النظرة السلبية لوكالة الطاقة الدولية وكذلك إلى حد ما من منظمة الأوبك في تقاريرها الشهرية، قد ساهمت في تعزيز تراجع أسعار النفط. حيث تستمر المخاوف في التأثير سلباً على جانب الطلب في سوق النفط بينما ظل المعروض النفطي مستقرا فوق مستوى 100 مليون برميل يوميا خلال تموز (يوليو) 2019 وفقا لتقرير وكالة الطاقة الدولية الذي ذكر أيضاً إن الوكالة قد تقوم بخفض توقعات الطلب مجددا في حالة استمرار الحرب التجارية.
وشهد متوسط أسعار خام النفط تحسنا هامشيا في تموز (يوليو) 2019 حيث قابل التراجع الذي منيت به الأسعار في منتصف الشهر بعض المكاسب التي تم تسجيلها خلال النصف الأول من الشهر والأسبوع الأخير منه. وارتفع متوسط سعر خام الأوبك بنسبة 2.8 % على أساس شهري وصولاً إلى 64.7 دولار أميركي للبرميل، في حين بلغ متوسط سعر خام النفط الكويتي 64.9 دولار أميركي للبرميل، مسجلاً ارتفاعاً هامشياً بنسبة 3.7 % على أساس شهري. من جهة أخرى، تراجع سعر مزيج خام برنت بنسبة -0.2 % في المتوسط، حيث بلغ 63.9 دولار أميركي للبرميل في تموز (يوليو) 2019.
تم خفض تقديرات الطلب العالمي على النفط للعام 2019 بواقع 0.04 مليون برميل يوميا ليصل معدل النمو المتوقع إلى 1.1 مليون برميل يوميا، حيث يتوقع أن يصل متوسط الطلب إلى 99.92 مليون برميل يوميا، وفقا لأحدث التقارير الشهرية الصادرة عن الأوبك. وتعكس تلك المراجعة تراجع تقديرات نمو الطلب على النفط التي جاءت أقل من المتوقع في منطقة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية خلال الربع الأول من العام 2019، حيث تم خفضها بواقع 0.05 مليون برميل يوميا لهذا الربع على خلفية انخفاض الطلب خلال آذار (مارس) 2019 للدول الأميركية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. كما تم تعديل معدلات نمو الطلب للدول غير التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وخفضها بحوالي 0.13 مليون برميل يومياً للربع الثاني من العام 2019 بما يعكس تراجع بيانات الطلب إلى مستويات أقل من المتوقع في آسيا الأخرى والشرق الأوسط. وتعزى تلك المراجعة لمنطقة آسيا الأخرى إلى تباطؤ أنشطة البناء والنمو الاقتصادي في حين شهدت منطقة الشرق الأوسط تأثير سياسات استبدال الوقود وخفض الدعم الحكومي.
وأظهرت أحدث البيانات الشهرية للولايات المتحدة تراجع الطلب على النفط بنسبة 0.5 % على أساس سنوي كما في أيار (مايو) 2019 في ظل انخفاض الطلب على وقود الديزل وزيت الوقود بسبب ارتفاع الأساس المرجعي للمقارنة واستبدال الوقود بالغاز الطبيعي بينما انخفض الطلب على البنزين بسبب انخفاض عدد الأميال التي تم قطعها بالمركبات وضعف مبيعات السيارات. إلا ان بيانات الطلب الأولية لشهري حزيران (يونيو) وتموز (يوليو) 2019 قد اظهرت اتجاهاً ايجابياً للطلب بصدارة الطلب على الديزل ووقود الطائرات والكيروسين وغاز البترول المسال / الغاز الطبيعي المسال في حين قابل ذلك النمو ضعف الطلب على البنزين. أما على صعيد الدول الأوروبية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فقد أظهرت بيانات الطلب في النصف الأول من العام 2019 انخفاضاً هامشياً في الدول الأوروبية الأربع الكبرى على خلفية ضعف معدلات الطلب لقطاع النقل البري كما يتضح من انخفاض مبيعات السيارات بنسبة 3 % خلال النصف الأول من العام 2019.
من جانب آخر، ظلت توقعات نمو الطلب على النفط للعام 2020 دون تغيير عند مستوى 1.14 مليون برميل يومياً مع توقع أن يبلغ متوسط الطلب الإجمالي إلى 101.05 مليون برميل يومياً. إلا انه في ظل استمرار الضغوط الاقتصادية، ذكر تقرير الأوبك أن توقعات النمو في العام المقبل عرضة لمخاطر التراجع. ومن المتوقع أن يتمثل مصدر النمو خلال العام المقبل بصفة أساسية في الدول غير الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، لاسيما في الصين ودول آسيا الأخرى. في حين انه بالنسبة للدول التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فمن المتوقع أن تشهد الدول الأميركية التابعة للمنظمة نمو الطلب، بينما يتوقع أن تشهد الدول الأوروبية وآسيا والمحيط الهادئ تراجعا في معدلات الطلب.