الخطاب السياسي الأردني

 
 
الخطاب السياسي الأردني
 
        الخطاب السياسي هو خطابا ً اقناعيا ً يهدف إلى حمل المُخاطب على القبول والتسليم بصدقية القول عن طريق توظيف الحجج والبراهين والأدلة من أجل إيصال الرؤيا المستقبلية للدولة لكل فرد ، وهو رسالة للشعب القصد منه الإقناع ضمن منظومة من المعالجات التي تقتضيها الحاجة ، وهو مجموعة من المفاهيم يتم صياغتها لاحتواء الأزمات الداخلية أو الخارجية أو طرح حلول علاجية أو ترتيب أوراق داخلية .
 
        والخطاب السياسي يختلف عن الخطاب العلمي كون الأخير هو خطاب منهجي له من القواعد والنظم والقوانين ما يجعله غير قابل للتأويل أو التعديل ، أما الخطاب السياسي فهو يمتاز بالشمولية من حيث الأبعاد والمفاهيم وليس حتميا ً أن يكون علميا ً أو منطقيا ً ، كونه يسمح بتعايش التناقضات والتعارضات التي قد تكون حاضرة الوقت كونه يتماشى ضمن مصالح مختلفة ومتباينة وتنافسية على سبيل الاحتمال ، لذلك فهو تصور الواقع الحالي والواقع المستقبلي وقراءة الظروف المحيطة وعليه يتم صياغته نظرا ً للمصالح العامة، وهناك فرق شاسع بين تصور الحقيقة المطلقة في الخطاب السياسي وبين الواقع ذاته أو بين الحقيقة المعاشه والطريقة التي يتم فيها تصوره مستقبلا .
 
        والهدف من وراء الخطاب السياسي هو تغيير النفوس والعقول والأفكار والواقع مما يجعلها في حالة لها صفات وسمات وهيئات معينة مهيأة لتطبيق مخرجات الخطاب ضمن الحقوق والمسارات التي تصل إلى نهايات موفقه ، والخطاب السياسي إما أن يحرك ساكنا أو يسكّن متحركا وهناك ثورات قامت بخطبة وثورات أخمدت بخطبة ، ولكل مرحلة أو حقبة تاريخية أو زمنية خطابها السياسي فهو متغير بحسب الظروف والأحوال .
 
 
        أما الخطاب السياسي الأردني فقد كان وما زال يمثل الرؤيا الصائبة في الحكمة وبعد النظر وقراءة المستقبل فهو ينطلق من محاور عدة فهو خطاب واضح المفاصل لا يشوبه أي لبس أو مضامين غير واضحة ، كما انه خطاب يمثل الشمولية في الطرح ويمتاز باتساع المفردات ووضوحها ،  يضاف إلى ذلك فانه يعد المرجعية للحكومات إذا ما تم تحليله بشكل دقيق وسليم لرسم سياسات الدولة سواء كان ذلك داخليا أو خارجيا ، وقد لاحظنا لقاءات جلالة الملك الأخيرة وما تحدث به يعد رسالة للمجتمع الدولي وللحكومة والشعب على ان ثوابت الدولة الأردنية لا عبث فيها ، وان الهوية الأردنية هي الجامعة وليست المفرقة بين أطياف المجتمع ،وان هذا الوطن هو للأردن ولن يكون بديلا ً لأحد ، هذا الخطاب إذا ما تم توظيفه بشكل مرجعي فانه بمثابة برنامج عمل للحكومة وتوجيه مباشر لرسم أجندتها الداخلية والخارجية ، كما انه توضيح وتأكيد على خصوصية الدولة الأردنية وإفهام الآخرين بان هذا الوطن له من الحضور السياسي والدولي ما يؤهله ليكون قادرا على تعزيز وجوده على الساحة الدولية .
 
        في السياق ذاته فان خطابنا السياسي أصبح اليوم أكثر حضورا ووضوحا كون الظروف المحيطة بنا وما يشهده العالم من تحول سريع في المسارات والسياسات وظهور أخطاء تراكمات سابقه فقد بات لزاما أن يكون هذا الخطاب بهذا الشكل من الدقة والخصوصية.
 
        يتوجب علينا نحن أبناء هذا الوطن أن نكون أكثر فهما ً وعمقا ً لتوظيف هذا الخطاب بما يحقق مصالحنا العامة وبما يخدم ويعزز حضورنا الدولي حتى وان كان على حساب مصالحنا الشخصية التي لا تقل أهمية عن مصالحنا العامة وان كنا بحاجة ملحة لهذه المصالح الشخصية ، ولكن الحاجة الأكثر عمقا هي خصوصية هذه الدولة الأردنية والحفاظ على وجودنا وعدم القبول بالعبث بالثوابت الوطنية والسيادية ، وعدم تمرير أية أجندة هدفها بث السموم والإشاعات التي لا تخدم مصالحنا القومية .
     Khalaf_alkhaldi@yahoo.com