القدس في خطر


تواجه القدس ومسجدها الأقصى وتبعاته، هجمة مركزة خطرة، قد لا تسلم من تداعياتها، إذا بقي أهل القدس وحدهم في ميدان مواجة العدو الوطني والقومي والديني والإنساني: العدو الإسرائيلي الذي يحتل فلسطين ويسرق كامل حقوق شعبها وينتهك كرامتهم، فالقدرة الفلسطينية وحدها لا تملك قوة الهجمة الإسرائيلية وتفوقها وهي مدعومة حتى نخاع العظم من قبل إدارة ترامب الأميركية، التي توفر غطاء لسياسات نتنياهو وحماية لإجراءاته نحو تهويد القدس وأسرلتها، وإلغاء التفاهم العثماني مع روسيا وفرنسا قبل أكثر من مائتي عام والذي تُحترم فيه ممارسة الشعائر وإقرار قدسية الأماكن ومرجعياتها الإسلامية والمسيحية بشقيها الأرثوذكسي والكاثوليكي، وعدم المساس به وعنوانه تفاهم الستاتيكو، وتعمل حكومة المستعمرة الإسرائيلية على إلغائه والمساس به وتغييره.
نتنياهو يعمل بسرعة وشراسة معتمداً على حليفيه والاستجابة لهما وهما تياري: 1- اليمين الإسرائيلي المتطرف، 2- اليهودي المتدين المتشدد، بهدف الفوز بالانتخابات يوم 17/9/2019، وغير ذلك ستكون نتيجته الحبس المباشر لشخصه كفاسد ومترشِ.
إدارة ترامب محكومة بنفوذ الفريق المسيحي الانجيلي التوراتي ممثلاً بنائب الرئيس بنس ووزير الخارجية بومبيو ومستشار الأمن القومي بولتون، ونفوذ الفريق اليهودي الصهيوني الثلاثي كوشنير وجرينبلات وفريدمان، فالائتلاف الذي يقوده نتنياهو، متطرف ويحظى بحماية الرافعة الأميركية الأكثر تطرفاً، مقابل: 1- انقسام وضعف فلسطيني، 2- حروب بينية دمرت حالة الحضور والتماسك العربي، وتم استنزافه بتخطيط إسرائيلي أميركي، وضيق أفق من قبل أطراف عديدة لدى النظام العربي.
حصيلة جبهة العدو شرسة قوية متماسكة، وجبهة الصديق الفلسطيني العربي الإسلامي المسيحي الأممي مفككة ضعيفة، ولذلك كتلة الثلج الصغيرة المتدحرجة تحتاج لمبادرة فلسطينية ترتقي لمستوى مواقف أهل القدس برموز أضلاع المثلث الإسلامي شيوخ المكان وقادته ومتفانيه: 1- عبدالعظيم سلهب، 2- عكرمة صبري، 3- محمد حسين ومعهم مجالس مؤسساتهم، والمجتمع المسيحي وقادة الكنائس، مما يتطلب وعيا فلسطينيا بضرورة الشراكة والوحدة وإنهاء الانقسام، ودورا أردنيا رسميا فاعلا أكبر عبر وزارتي الخارجية والأوقاف ونيابيا وحزبيا ونقابيا ومؤسسات مجتمع مدني، واستنفارهم كي يتجاوزوا الصغائر التي يتفوه بها البعض، وهي تفتقر للمصداقية وسعة الأفق، ووقف استهداف الأوقاف التي تخوض معركة باسلة مع أوقاف القدس ضد العدو الإسرائيلي.
مبادرة لجنة فلسطين النيابية ورئيسها تستحق الاحترام، وهي صاحبة مؤتمر الطريق إلى القدس الأول، فلماذا لا تعمل على عقد المؤتمر الثاني الذي لم يعقد، حيث تقف ضده أطراف؟؟ ولماذا لا تدعو إلى مؤتمر إسلامي مسيحي مشترك؟؟
وبيان وزارة الخارجية التركية، مفيد يجب البناء عليه، لتوسيع حجم المشاركة والدعم الإسلامي سواء على مستوى وزراء الأوقاف لبلدان المجموعة الإسلامية، أو وزراء الخارجية أو قيادات المجتمع الإسلامي والمسيحي على مستوى العالم، وتركيا معها الباكستان وماليزيا واندونيسيا، يملكون القدرة على تنفيذ مثل هذه المبادرات الخلاقة، طالما أن بعض البلدان العربية مشغولة بدواخلها الذاتية الضيقة استجابة لمخطط أميركي إسرائيلي مقصود لإشغالها عن فلسطين والقدس أولى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين، ومسرى ومعراج سيدنا محمد، وقيامة السيد المسيح.
القدس في خطر حقيقي جدي شرس، فمن يُجيب، ومن يستجيب إذا لم تكن مؤسساتنا الوطنية الحكومية والبرلمانية والحزبية ومؤسسات المجتمع المدني؟؟ القدس بحاجة لمبادرات خلاقة وروافع مادية حقيقية في مواجهة العدو المتفوق، وليبدأ مجلسنا النيابي ولجنة فلسطين نحو وضع رؤية وبرنامج وخطة عمل تُعبر عن ضميرنا وانحيازنا تنفيذاً للوصاية الهاشمية والرعاية الأردنية، وهم قادرون على بلورة ذلك وتحقيقه، فهل يفعلون؟؟