نواب الأردن يتبادلون الاتهامات بالتقصير بعدما فقدت جلسة التعديلات الدستورية نصابها

بسام بدارين - طوال الأسابيع الثمانية الماضية فهم قادة وأركان البرلمان الأردني ومن أعلى المرجعيات في البلاد مباشرة بأن التعديلات الدستورية صفحة جديدة ومهمة جدا ولابد من إنجازها بأسرع طريقة ممكنة قبل العشرين من الشهر المقبل حيث سيخاطب الملك عبد الله الثاني الأمريكيين والعالم الغربي، فيما يفترض ان تحتوي التعديلات قبل ذلك الحراك الداخلي وتحسم الجدل.
لكن كل الرسائل التي وجهت من القصر الملكي مباشرة وكذلك من الناس في الشارع ومن مؤسسات المجتمع المدني لم تسمح لأعضاء مجلس النواب الذين أفرزتهم إنتخابات أصبح تزويرها عام 2010 يقينا ولم يعد إحتمالا بإظهار الجدية الضرورية في التعامل مع أول تعديل دستوري تشهده البلاد منذ عقود.
وقد ظهر ذلك تماما في الإدارة المتعثرة لنقاشات التعديلات الدستورية وفي عدم التمكن من عقد جلسة صباحية لمجلس النواب كانت في غاية الأهمية ليس بسبب إعتراضات سياسية أو تشريعية، ولكن لان الجلسة فقدت نصابها الدستوري بحيث تعذر على رئيس المجلس فيصل الفايز عقدها فإضطر الرجل لرفعها قبل تجميع النواب الهاتف لإستئناف الجلسة والنصاب.
وهذا الحادث ستكون له تأثيراته السياسية والإجتماعية على رفع مستوى الغضب الشعبي على البرلمان لكن هذه المرة سيقدم كل المعترضين على تزوير الإنتخابات وعلى أداء البرلمان دليلا قطعيا لمؤسسات النظام يظهر عبث النواب في القضايا المصيرية وعدم جديتهم عندما يتعلق الأمر بالملفات الأساسية والمهمة.
وقد فوجىء الرأي العام ألأردني صباح الخميس فيما الجميع داخل البلاد وخارجها يترقب بشغف تعديلات الدستور بأن رئاسة المجلس لا تستطيع عقد الجلسة فحجم الاعتذارات عن الحضور لأسباب متنوعة وصلت لـ 35 نائبا وعدد من النواب خارج البلاد في سفرات خاصة وبعضهم الآخر قام قصدا بالإفلات من الجلسة وبالتالي تهريب النصاب لأغراض تتعلق بنكايات سياسية او كتلوية أو في إطار حسابات لها علاقة بإنتخابات رئاسة المجلس في الدورة العادية المقبلة.
وما حصل تسبب بالإحراج للجميع عمليا فبادر الفايز لإصدار تصريح يدعو فيه نواب الأمة لتحمل مسؤولياتهم الوطنية، فيما تبادل النواب التلاوم والإتهام بالتقصير بصخب داخل ألأروقة فلأول مرة في تاريخ المجلس الحالي تفقد إحدى الجلسات نصابها ومن سوء حظ المجلس الذي يدافع بصعوبة عن هيبته ونفسه امام حراك الشارع وإعتصاماته كانت الجلسة الوحيدة التي أفلت نصابها هي تلك المخصصة لأهم ما يمكن ان يدفع نائبا للحضور وهو التعديلات الدستورية.
أحد النواب شوهد يصرخ أمس في الكواليس قائلا: إذا لم نحرص على الحضور من اجل تعديل دستوري فمتى سنحضر الإجتماعات.
والمهم ان مجلس النواب ظهر أمام الرأي العام وامام الملك بصورة سيئة جدا صباح أمس الخميس رغم محاولات ترقيع المشهد فالأجواء بالبلاد عموما مشحونة والإقليم مفتوح على كل الإحتمالات والقصر الملكي يطلب الإستعجال، فيما تفقد الجلسة نصابها لأسباب غير سياسية أو مبدئية إطلاقا مما يكشف عن مستوى عبث بعض النواب في التعامل مع إستحقاقات وتداعيات مواقفهم وإنحيازاتهم بعد إنتخابات عامة يشك الجميع بنزاهتها في الواقع.
وأغلب التقدير أن إفلات نصاب الجلسة أمس سيغير الكثير من المعادلات والقناعات السياسية فهو يؤشر على سوء إختيارات البوصلة للصف القيادي في مجلس النواب وغيره بعد الإدارة المتعثرة على مستوى رئاسة المجلس والأمانة العامة ويؤشر على غياب الجدية عند النواب خصوصا الذين تفرزهم إنتخابات يعبث مسؤولون صغار بنتائجها في غرف العمليات ويؤشر على ان القصر الملكي قد يكون وضع الرهان في غير مكانه عندما يتعلق الأمر بخطوة تحولية إستراتيجية وعملاقة من عيار تعديل الدستور. وسيكون الأمر من باب التحليل السياسي في تصنيف وتحديد لعبة أدوار الشخصيات في المرحلة المقبلة لكن الدرس الأهم الذي يمكن ان تتعلمه السلطة وهو ما يلي: عندما تزورون الإنتخابات ستحصلون على مثل هذه المشاهد المنفلتة وعلى مثل هذه البضاعة.