الاجتماع الثلاثي في بغداد

انطلقت امس في بغداد العاصمة العراقية اجتماعات تشاورية ثلاثية بين الاردن والعراق ومصر على مستوى وزراء الخارجية، ذلك، ضمن التحضير لإطلاق اتفاق تجاري استراتيجي.
الاجتماع ليس بالجديد فقد سبقته اجتماعات ولقاءات على مستوى رؤساء الدول، لكن استمرار مؤسسة اللقاء، تؤكد ان ثمة اتفاقا يلوح بالافق.
في الاردن، معنيون جدا بهذا الاتفاق، فالانفتاح على العراق يشكل مصلحة حيوية استراتيجية اردنية، طالما طالبنا بها، وطالما نحن محتاجون لها.
الاجتماعات ليست سياسية، لكن السياسي ما هو الا غطاء لجانب اقتصادي يشمل مجالات تعاون استثمارية في الطاقة والاسكان والزراعة والاعمار.
كل ذلك جيد، ويحتاجه الاردن بإلحاح، لكن يجب ان نكون مدركين ان العراق محكوم بحساسيات دقيقة في مجال صناعة القرار السياسي والاقتصادي.
بمعنى آخر، هناك حسابات ايرانية واميركية تتصارع وتتدافع في كثير من الاحيان للتأثير على تحالفات العراق الاقليمية وعلى سلوكها السياسي والاقتصادي.
اللقاء مع العراقيين بحضور المصريين يشكل فرصة لاختراق عربي صحي للعلاقة مع العراق، ويقال ان اميركا موجودة في خلفية المشهد وهنا نحذر من ان يتحسس العراقيون فنخسر بغداد لمدة اطول وبعد طول انتظار.
انا مع التدافع مع اللوبي الايراني المتواجد بكثافة في القرار العراقي، وانا مع التصالح معه، لكن بشرط ان يكون التدافع او التصالح صادرا عن مشروع عربي خالص لا تواجد لواشنطن فيه.
الاردن معني بعلاقة متكاملة مع العراق، فنحن رئة لهم وهم كذلك بالنسبة الينا، وسبق ان زارهم الملك ورئيس الوزراء، وتلك اشارات الى اهمية ملف العلاقة مع العراق.
صحيح ان العقوبات المفروضة على ايران تؤثر على السوق العراقية وحاجاتها الاستيرادية والتصديرية، وهنا يمكن ان نستفيد وان نستثمر.
لكن هذا العامل مؤقت، وقد لا يدوم بمجرد جلوس واشنطن وطهران على طاولة التفاوض، لذلك لابد من علاقة جذرية اصيلة عنوانها مراعاة من يحكم العراق وحساسياتهم دون تنازل عن ثوابتنا.
في المنطقة، موازين تتغير، والسياسة الخارجية الاردنية مطالبة بإدراك ذلك، وللامانة اداؤنا جيد في بعض الاحيان، واتمنى ان تكون العراق جزءا من الاداء الجيد في منطقنا الجديد.