أين نجد التاريخ الأبيض..؟!!
اخبار البلد - صالح الراشد
الأبيض لون ملوك فرنسا, ورمز للنقاء في حضارتي مصر وروما القديمتين, ولون العفة والطهارة في عصور أوروبا الوسطى, ولون المعابد والمساجد والكنائس, وهو لون الكمال ، والصدق ، والنزاهة ، والنظافة ، والبداية والدقة, وهو رمز للنقاء والتضحية في الإسلام ، والأكثر شيوعا لفساتين الزفاف، فهو رونق الجمال وهدوء النظر وزيادة البهجة, هذا هو اللون الأبيض الذي تسعى جميع الدول لكتابة تاريخها به, حتى يغمر حياتها الفرح وتستطيع النهوض بكل قوة, كون الحديث الدائم عن الأسود يجلب الهم والغم ويلغي السعادة من حياتنا. وتبحث الشعوب عن بارقة أمل تُضيء حياتها وتُنير دربها بفضل هذا اللون, فتسعى الى تعظيم الإنجازات التي تجلعها تفتخر بها, لذا نجد بعض الدول تعتبر ان إحتلال الدول الأخرى وصناعة القادة المستعمرين نقطة بيضاء للبقاء في القمة, والدول التي إستقلت تعتز بأبطال التحرير وتعتبرهم نبراساً يهتدون بهم من أجل الحفظ على الوطن, وتذهب بعض الدول بإتجاه العلماء الذي اسهموا في تحسين حياة البشرية وارتقوا بها صوب الأفضل, ويعتمد البعض على دوره في الصناعة, ويعتز بإنجازاته ويفتخر بها, كونها وضعت إسم الدولة بين الدول التي ساهمت في الإرتقاء بالبشرية. وفي التاريخ تغوص الدول عميقاً حتى تجد الصفحة البيضاء لتضعها في مقدمة كتبها, ولتتغنى بها حتى تظهر للعالم بصورة مشرفة, لذا فإنها تذهب بعيداً في كتب التاريخ والشعراء, حيث تجد من المديح الكثير ووصف الحال بصدق الكلام وجميله, حيث خلد الشعراء العديد من المواقع التاريخية التي تستمد منها بعض الدول حاضرها, فخلد شعراء العصر الجاهلي صفات الكرم والشجاعة وحماية الضيف, ونظموا من القصائد ما جعل من العصر الجاهلي عصراً للنور, كما خلد البرتغالي ويس دي كامويس رحلات المستكشف فاسكو دا غاما, ورسم بالحروف الشاعر هوميروس ملحمة الإلياذة وأوديسا . واليوم نبحث عن الأبيض في تاريخنا, حتى نتجاوز الحاضر الصعب بالذهاب صوب المستقبل الواعد, بالبحث عن النقاط المُضيئة في العصور القريبة , ونستخرج سير الأبطال والعلماء وكيف تجاوزوا المعوقات صوب الحرية والخلاص من المستعمر, وبناء الدول الحديثة المتطورة "حسب تاريخ وجودها”, لنستمد منهم القوة والثقة على مواجهة الأزمات, وعندها فإن اللون الأبيض سيطغى على الأسود ونتخلص من السوداوية التي تلف العالم العربي, وتصبح قدراتنا أفضل وهمتنا أعلى فنبني بلادنا من جديد, ونستعيد سيادتنا على ما نملك ونأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع, لذا فلنبحث جميعاً عن الصفحات البيضاء في الماضي والحاضر حتى نهتدي الى النور الذي سيأخذنا صوب مستقبل الخير والأمل والسعادة.