ياسر أبو هلالة يكتب : اعتذروا من الحركة الإسلامية

السفارة الأميركية تجمعنا"؛ في السفارة وبيت السفير ترى معظم النخب السياسية الأردنية، ولا يغيب عنها، كما أظهرت ويكيليكس، إلا الحركة الإسلامية. شخصيا، وقبل ويكيليكس، لا أجد ضيرا على السياسي أو الإعلامي أن يتواصل مع العالم، سواء من خلال سفارات أو مؤسسات مدنية. المحظور الوحيد هو السفارة الإسرائيلية باعتبارها عنوانا لمشروع صهيوني، الصراع معه صراع وجود لا حدود.
أما سفارات الدول الأخرى فالحال مختلفة. مع أميركا تتراوح العلاقة من عداء إلى حياد إلى تحالف. وأكبر خدمة للصهيونية القول بأن أميركا هي إسرائيل. لقد تحالف عبدالناصر مع أميركا في حرب 1956، وتحالفت الحركة الإسلامية مع أميركا في أفغانستان والبوسنة. وفي العراق، قدمت الحركة الإسلامية شهداء في مواجهة أميركا في كتائب ثورة العشرين وجامع والجيش الإسلامي، تماما كما قدمت وزراء ونوابا تحت الاحتلال الأميركي.
في المقابل، ثمة وجهة نظر تعبر عنها الحركة الإسلامية تحديدا، ترفض التواصل مع السفارة الأميركية. وقد أظهرت ويكيليكس فشل محاولات السفارة الأميركية في الحوار مع الحركة الإسلامية. قبل ويكيليكس، وفي العام 2008، كتبت مستغربا من موقف الحركة الرافض للتواصل: "أستغرب الضجة المثارة حول نشاطات السفير الأميركي في عمان، إلى درجة تقديم النائب الإسلامي عبدالمجيد الخوالدة استجوابا للحكومة بخصوص لقاء بينه وبين شيوخ العشائر حرضهم فيه على عدم التحالف مع الإسلاميين. وفي التغطيات الصحافية تصريحات قوية للمراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين سالم الفلاحات يصف فيها تحركات ديفيد هيل بأنها "خروقات غير مقبولة للسيادة الأردنية". بدورها بادرت السفارة على لسان فيليب فيرن الناطق باسمها إلى نفي الخبر، معربا عن ذهوله بحسب ما نقل موقع وكالة عمون الأخباري. إذن ثمة "خروق" يقابلها "ذهول". وهو أمر غريب فعلا. فأميركا تخرق سيادة العالم ليس بتلبية سفير لدعوة أو بالتعليق على مداخلة أو إعطاء محاضرة في طلبة ثانوية، أميركا تخرق (السيادة) فعلا بوسائل أكثر جاذبية من خلال المساعدات والإبهار الثقافي والعلمي، وبوسائل أكثر قسوة من خلال مشاة بحريتها القادرين على التدخل في أي نقطة في العالم خلال ثماني عشرة ساعة".
على من يتحدثون عن مؤامرات بين الحركة الإسلامية والأميركيين أن يقرؤوا وثائق ويكيليكس جيدا. فالحركة لا تتواصل مع السفارة، وهذا قرار من مجلس الشورى اتخذ في غضون الحرب على العراق، ولم يتغير إلى الآن. في المقابل، تنشغل السفارة والدولة بزيارة يقوم بها رحيل الغرايبة إلى أميركا بدعوة رسمية من معهد أبحاث مرموق.
مؤسف ما تعرض له رحيل الغرايبة يومها على صفحات الصحف، والمؤسف أكثر ما تعرض له في الوثائق من تحريض. يستحق هو والحركة اعتذارا اليوم. لا مزايدة عليهم لأنهم يرفضون أن يتحركوا بأوامر من لا يكفون عن الإساءة لهم سرا وعلانية. من حق الناس أن تعتصم أمام السفارة الأميركية، لكن ليس من حقها المزايدة على من لا يشارك باعتصامها، خصوصا من الذين لا يجدون ضيرا في التواصل مع السفارة.