تحركات الملك



بعد عودته من الاجازة، تحرك الملك داخليا وخارجيا بفعالية مقصودة ومخطط لها، وبتقديري ان رأس الدولة يملك مخططا لتلك القرارات والتحركات.
على المستوى الداخلي، قرر الملك، اجراء تغيرات في موقع قيادة الجيش، هذا التغيير، نال ما نال من الاشاعات والهمس واللمز، فقد ركبت موجته المعارضة الخارجية في سياق اساء لصورة الجيش للاسف.
حقيقة التغيير، باعتقادي، لا تخرج عن كونه استمرارا لسياسة ضخ دماء جديدة في المواقع الحساسة تدشينا لنهاية مرحلة من العلاقة مع الحلفاء والاقليم، فالمرحلة جديدة وتحتاج للتخلص من ادوات الاشتباك القديمة.
من هنا جاء التغيير الاهم في جهاز المخابرات ومستشارية الملك، وتلاه الجيش، وقد نشهد تغيرات اخرى مقبلة في مواقع حساسة اخرى كموقع وزير الخارجية الذي استنفد اغراضه.
لا داعي للتشكيك بالسابقين الذين تولوا هذه المواقع «لاسيما بعد رحيلهم» ولا مبرر ان نضعهم في سياق النكاية السياسية واجتراح المؤامرات، فالتغيير المستمر ثقافة اردنية منذ تأسيس الامارة.
على المستوى الخارجي، التقي الملك فور عودته بالرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ثم غادر بعدها لأبو ظبي، تلتها زيارة عزاء لتونس، وختاما في القاهرة.
يقال ان الملك يريد استباق زيارة كوشنير للمنطقة بتدشين خطة عمل عربي مشتركة تقوم على «حل الدولتين» ولا تقبل بسقف آخر او رواية اخرى.
لا اعتقد ان ثمة هكذا موقف مع الفلسطينيين، ولا نعرف كيفية تفاعل الاماراتيين والمصريين «مستويات الاستجابة» مع الرؤية الملكية، لكن بالمحصلة هناك حراك ملكي يستبق قدوم كوشنير.
ما يجب ان يدركه الاردنيون، نخبة وعوام، ان المرحلة القادمة مثقلة بالاستحقاقات والتطورات، وان بلدنا يواجه تحديات حقيقية لا ينفع معها الا الحذر والحرص وتجنب المراهقات السياسية.
علينا تقبل التغيرات الداخلية بتفهم واع، ونطالب صانع القرار بمزيد من الشفافية والوضوح، ونطالبه بانفتاح اكبر على الاصلاح والقوى السياسية.
هناك فراغ في الرواية، فراغ في المواقع القادرة على تمتين الجبهة الداخلية، وهناك شيطان يدخل بين الثقوب، وقد آن الاوان للانتهاء من تلك الخطيئة السياسية.