ياسر الزعاترة يكتب : هل سيشارك الإخوان في الانتخابات المقبلة؟
لخّص الإخوان المسلمون مطالبهم الإصلاحية في جملة من النقاط هي: «إصلاحات دستورية تمكن الشعب من أن يكون مصدر السلطات، قانون انتخاب ديمقراطي وعصري يمثل الإرادة الشعبية، تشكيل حكومات برلمانية منتخبة تحقق تداول السلطة على المستوى التنفيذي، ترسيخ دولة القانون على أساس الحقوق والواجبات، الفصل بين السلطات، تحقيق استقلالية القضاء، إنشاء محكمة دستورية، ، مكافحة الفساد ومحاسبة المفسدين».
والحق أن مثل هذه المطالب، وبعيدا عن أية حساسيات سياسية تمثل مطالب حقيقية للشعب الأردني، أقله من وجهة نظر قطاع عريض من الجمهور، وهي مطالب لا يمكن حشرها في إطار فئة معينة كما يروج البعض، لاسيما أن هواجس ما يعرف بالتوطين والوطن البديل يمكن أن تؤخذ بعين الاعتبار في سياق الصياغات التفصيلة، مثل صياغة قانون الانتخاب، لأن عصرية القانون لا تعني بالضرورة تجاهل الاعتبار المشار إليه، بل إن أحدا لا يمكنه اتهام الإخوان وسائر الفعاليات السياسية التي تتبنى هذه المطالب بأنها أقل إصرارا من أولئك على التصدي لفكرة التوطين والوطن البديل. بل إن وثائق ويكيليكس قد أثبتت أنهم الأكثر حرصا على هذا البعد.
ما يعنينا هنا هو سؤال الموقف الإخواني في حال استمر تجاهل هذه المطالب، وهل يمكن لهم أن يشاركوا في الانتخابات المقبلة، أكانت في موعدها أم كانت انتخابات مبكرة؟
الأرجح أن يدخل الإخوان في الجدل التقليدي حول المشاركة والمقاطعة، لكن الموقف سيكون مختلفا بعض الشيء عما كان عليه في السابق، لاسيما أن المنطق القائل بالمشاركة ومحاولة تعديل الدستور والقوانين الأساسية من خلال البرلمان لا تبدو واقعية بحال من الأحوال، وبالطبع لأن سقف ما يمكن أن يحصلوا عليه ومعهم المؤمنون ببرنامجهم وفق القانون الجديد لن يكون كافيا بأي حال لتمرير التعديلات المطلوبة، وهي عموما تعديلات لا يمكن أن تمر بغير إرادة سياسية عليا، ولا شك أن برلمانا سيأتي نتاج قانون الانتخاب المقترح لا يمكن أن يمرر التعديلات المذكورة، والنتيجة أن الإخوان سيعودون إلى ما كانوا عليه قبل الربيع العربي، أي القبول بصيغة مشاركة شكلية لا تسمن ولا تغني من جوع؛ خلاصتها أن يقولوا ما يشاؤون في البرلمان، بينما تفعل الحكومات ما تشاء، ليس على صعيد القوانين فقط، وإنما على صعيد الممارسة السياسية أيضا، لأن الممارسة لا تعكس بالضرورة روح القانون حتى لو كان جيدا بهذا القدر أو ذاك. ونعلم أن كثيرا من الانتخابات في العالم العربي كانت تتم بقوانين جيدة وبإجراءات معقولة من ناحية الشكل، لكن إرادة التزوير كانت تتمرد على ذلك كله، مع أننا لا نتوقع أمرا كهذا، اقله في الانتخابات المقبلة .
ليس لدينا جزم بما يمكن أن يكون عليه قرار الإخوان في حال تم تجاهل مطالبهم كما هو متوقع، وهل سيميلون إلى المشاركة، أم ينفذون وعدهم بالمقاطعة ويمضون في برنامج النضال السلمي من أجل تغيير المنظومة القانونية والدستورية وفق الرؤية التي تبنوها ومعهم عدد لا بأس به من القوى السياسية.
ليس من حقنا بالطبع أن نقول للإخوان ما عليهم أن يفعلوا، لكن تجربة المشاركة البرلمانية وفق نظام انتخابي وقوانين لا تلبي الحد المعقول من الأسس الديمقراطية المتعارف عليها لم تثبت نجاحا يذكر، وهي كانت جزءا لا يتجزأ من مرحلة ما قبل الربيع العربي، وليس من الحكمة في شيء العودة إليها وولوج باب المراوحة من جديد، وكأن شيئا لم يحدث في المحيط العربي.
لا يستبعد أن يدفعهم ذلك نحو استمرار العمل السلمي من خارج البرلمان حتى يحققوا مطالبهم في صياغة برنامج ديمقراطي حقيقي وفق الأسس التي تحدثوا عنها.
سيتعرض الإخوان بسبب قرار من هذا النوع للكثير من الهجاء، الأمر الذي بدأنا نتابعه بشكل يومي منذ الآن، لكن القوى السياسية الحية لا تتحرك وفق أجندة يقررها الآخرون، ولا مناص لها من استمرار النضال حتى يتحقق لها ما تريد.