الدكتور فهد الفانك يكتب عن فضائح ويكيليكس: كرسي الاعتراف في السفارة


اخبار  البلد_ ليس صحيحاً أن رسائل السفراء الأميركيين في عمان إلى وزارة الخارجية في واشـنطن التي كشـفت ويكيليكس عن بعضها مؤخـراً يقصد بها تهيئـة الأجواء الملائمة لحل مشكلة إسرائيل الفلسـطينية على حساب الأردن ، فهذه الرسائل لم تكتب للنشر والتأثير على الرأي العام ، وليس من المنطقي أن يسعى السـفراء لتضليل أو توجيه وزارة الخارجيـة.

العكس صحيح ، فوزارة الخارجية الأميركية هي التي توجه سفراء أميركا في الخارج ، وهي صاحبة فكـرة حل مشـكلة إسرائيل الفلسطينية على حسـاب الأردن ، وما يقوم به السـفراء هو جمع الأدلة والمؤشـرات التي تؤيـد هذا الموقف وتسهل تمريره.

في بلد منفتح سياسـياً مثل الأردن ، لا ضير من الالتقاء بالسفراء ، وإذا كان لا بد من تناول شـؤون البلد معهـم ، فإن الهدف يجب أن يكون إعطاء الصورة الإيجابية التي تخدم الأردن. وأسـوأ ما يمكن أن يحدث هو الشكوى والتـذمر من بعض الشؤون كالفسـاد وغياب الديمقراطية ، وكأن المطلوب من السـفراء الأجانب أن يفرضوا النزاهة والشفافية ويحققـوا الديمقراطية وحقـوق الإنسان ويستكملوا الحقـوق المنقوصة.

رب ضارة نافعة ، فقيام ويكيليكس بنشر تقارير الدبلوماسيين الأميركيين حول الشـؤون الأردنية الداخلية كشف الغطاء عن النوايا الأميركية ، من جهة وسـوء تصرف بعض رموز النخبة الأردنية من جهة أخرى. علماً بأن (التخابر) مع جهات أجنبية بهذا المعنى جريمة يعاقب عليها القانون ، وتستدعي أن يتحرك المدعي العام للتحقيق مع ذوي الشأن الذين ذهبوا إلى السفارة ليطالبوها باستكمال حقوقهم السياسية.

الأمر لا يتوقف عند السفراء الأميركيين ، فالسفير البريطاني لا يقل نشاطاً ولو لم تتسرب تقاريره إلى ويكيليكس بعد ، وهو يعقـد دعوات الغداء لكل أربع أو خمس شخصيات في حديقـة منزله ، ليسأل عن حقيقة الفسـاد في البلـد وعن مستقبل الحراك الشـعبي ، وماذا كنت سـتفعل لإصلاح الأوضاع لو كنت وزيراً للمالية.

ثلاثة من المدعوين قدموا بالدور صوراً وأفكاراً واقتراحات تفصيلية وكأن الذي سـألهم هو الملك أو رئيس الوزراء تمهيداً لاتخاذ قرار ، أما المدعو الرابع فقـد قال أنه بحضور السـفراء وأخـذ ويكيليكس بالحسـبان فإن الحديث يجب أن يدور حول حالة الطقس ، أما ما أفعل لو كنت وزيراً للماليـة فهو تقديـم استقالتي!!.