حديث الملك
الوطن البديل وهم سياسي، وأحلام مستحيلة، والهوية الأردنية والوحدة الوطنية خط أحمر.. قواعد أساسية وثوابت وطنية لا جدال فيها أو حولها من قريب أو بعيد. وهذا الحديث عن الوطن البديل ليس جديداً، فهو حلم من أحلام الصهيونية التي تسعى للاستيلاء على فلسطين وما حولها.. حلم سيظل يعشش في أوهامهم، ولن يتحقق ما دام هناك طفل أردني من أي أصل كان أو منبت يحبو على ركبتيه ويستطيع التنفس.
فكرة الوطن البديل ليست مرفوضة من أي أردني فقط، ولكن مجرد التفكير فيها والحديث حولها ضرب من ضروب الخيانة، ومن يأتي على ذكرها فهو مارق.
الأردن لن يكون وطنا بديلاً تحت أي ظرف من الظروف، ولأي شعب من الشعوب، فهو ليس أرضا خالية تنتظر من يسكنها، والتاريخ يسجل أن هذا الوطن كان دائما موئلاً للأحرار العرب من كل أنحاء الوطن العربي وكانت عاصمته دائما عاصمة الوفاق والاتفاق، وملجأ يلوذ به من لا يجد الملاذ.
جاء حديث جلالة الملك عن الهوية الأردنية والوحدة الوطنية قاطعا؛ فهي الخط الأحمر الذي لن يسمح لأحد بتجاوزه أياً كان، وتحت أي ذريعة كانت، ومن يخوضون في هذا الموضوع هم من أصحاب الدكاكين السياسية الباحثين عن أدوار ومنافع، ولا يجدون ما يشغلون به أوقاتهم سوى الخوض في هذا الموضوع الخطير.. وأغلب الظن أنهم لا يدركون خطورة العبث بهذه القضية ومدى تأثيرها على حاضر الوطن ومستقبله والعلاقة بين أطياف المجتمع والأجيال القادمة.
حديث الملك الحازم حول الموضوع لم يترك مجالا أمام هذا النفر القليل غير المسؤول. وعلى المواطنين، كل المواطنين أن ينبذوهم، وأن لا يتيحوا لهم مجالاً لبث سمومهم في النفوس والعقول، وعندما لا يجد هؤلاء آذانا صاغية سيغلقون أفواههم قبل دكاكينهم، ومن المؤكد أنهم سيبحثون عن موضوع آخر يشغلون به أنفسهم. وسيعلمون أن الوطن ليس مزرعة خاصة يرتعون فيها كيفما شاؤوا.
لقد جاءت تسريبات ويكيليكس الأخيرة عن هذا الموضوع بالتحديد مثيرة للشبهات؛ لأنها لا تُعلن إلا وفق شروط خاصة وظروف معينة لتخدم أهدافا مرسومة، ما يدعو إلى التساؤل حول توقيتها ونتائجها.. فقد ثار جدال في بعض المواقع الإلكترونية بين المتابعين يدعو الى الخجل أكثر مما يدعو إلى القلق، خصوصاً وأن بعض المتحاورين يحملون ألقاباً علمية ولكن مستوى التفكير الذي طرحوه في حوارهم يندى له الجبين.
الهوية الوطنية الأردنية ثابتة لا يزعزعها ويكيليكس ولا من ساهموا في نشر سموم وثائقه، والوحدة الوطنية راسخة رغم ما يعتريها من خدوش بفعل أظفار مرضى النفوس وأصحاب العقول الخربة، وحديث الملك جاء حادا كالسيف ليقطع الطريق على كل من تسول له نفسه العبث بوحدة الوطن.