معركة ترامب الانتخابية
معركة ترامب الانتخابية
حمادة فراعنة
أعاق مجلس النواب الأميركي برنامج الرئيس ترامب لزيادة ميزانية الدفاع، ووضع أمامه العراقيل لإحباطه في الإقدام نحو أي خطوة مغامرة قد تؤدي لحرب غير مخطط لها، ولا يستفيد منها الشعب الأميركي بل وستضر بمصالحه كما يقول الأميركيون أنفسهم، حيث لا مصلحة لهم بشأن الحرب على إيران، ولا يوجد ما يستدعي ذلك، وكما حصل لهم في معركتي أفغانستان والعراق التي سببت لهم الهزيمة وخسائر مادية فادحة للاقتصاد والمالية وسقط آلاف الضحايا من الجنود، بلا نتائج يمكن المباهاة بنتائجها .
يستطيع الرئيس الأميركي استعمال حق النقد الفيتو ضد قرار مجلس النواب، ولكنه سيكون في معركة مفتوحة في مواجهة النواب الذي يسيطر على أغلبيته الحزب الديمقراطي، في وقت قد بدأت فيه ومن خلاله مقدمات المعركة الانتخابية لرئاسة البيت الأبيض ويأمل الرئيس ومعه الحزب الجمهوري الفوز بولاية ثانية بينما يستعد الحزب الديمقراطي لتعطيل مسعاه ومنعه من الوصول إلى البيت الأبيض من خلال ولاية ثانية .
ولذلك تتضح صورة المشهد السياسي وخلاصاته في تفاصيل التصادم بين الجمهوريين الذين يسيطرون على مجلس الشيوخ والديمقراطيين الذين يسيطرون على مجلس النواب، وعملية التعطيل النيابية تستهدف تقويض صلاحيات الرئيس ومنعه من تنفيذ سياساته وإظهاره بالرئيس الضعيف الذي يتصادم مع أغلبية نواب الشعب الأميركي، وكذلك تعطيل سياساته المتطرفة نحو إيران، التي سبق وأن توصل معها الرئيس الديمقراطي أوباما ومعه خمسة دول هي فرنسا وبريطانيا والمانيا إضافة إلى روسيا والصين إلى الاتفاق النووي عام 2015، وانسحب منه الرئيس ترامب عام 2018، وجمد عضوية الولايات المتحدة بذلك الاتفاق، وفرض قيوداً وعقوبات على إيران تضرر منها بلدان أوروبا الغربية .
ليست سهلة معركة ترامب لتجديد ولايته، رغم الإنجازات المالية والاقتصادية التي حققها للاقتصاد الأميركي، وذلك لأن عنوان ولايته معارك سياسية واقتصادية متواصلة أربكت السياسة الأميركية ومؤسساتها، مثلما أربكت حلفائه، ولم يعد له صديقاً يثق بقراراته ومبادراته الفجائية، وإذا كانت تقارير السفير البريطاني قد إنكشف مضمونها من خلال النشر فثمة سفراء أخرين يبادلون السفير انطباعاته، ولكن تقاريرهم المغلقة لوزاراتهم لم تتعرض للكشف والمشاهدة .
وها هو يتعرى مرة أخرى ويكشف سلوكه ونظرته العنصرية نحو نواب ديمقراطيين يطالبهم بالعودة إلى بلادهم من حيث أتو، لأنهم من أصول عربية أو إسلامية أو إفريقية أو لاتينية، فنظرته الدونية لهم ليس بصفتهم معارضين أو مناكفين له أو أنهم يتخذون سياسات غير مفيدة من وجهة نظره، بل لأنهم من أصول أجنبية، مما يؤكد نظرته العنصرية غير الأخلاقية نحو الآخر وإعادة إشاعة نظرية الرجل الأبيض المتفوق .
ترامب ليس مصيبة للشعب الأميركي وحسب، بل مصيبة للبشرية مثل كل الذين ورطوا العالم في حروب مدمرة كما سبق وفعلها هتلر في الحرب العالمية الثانية اعتماداً على نظرية تفوق الألمان على باقي البشر .
h.faraneh@yahoo.com