فتاوى الشيخ «غوغل»


ايها الشيخ الجليل, لم ارى فيك يوما من الايام وقاراً, ولم ارى فيك يوما من الايام شيباً, ولم ارى فيك يوما من الايام لمحة انحناء, فهل انت شيخ شريعة؟ ام هل انت شيخ عشيرة؟ لم ارى يوما من الايام على اكتافك عباءةً سمراء, او تُقلبُ بأصابع يديك سبحة حمراء, او حتى تسجد سجدةً اثناء قراءة سورة الاسراء,...انا اعرف انك شركة أمريكية عامة متخصصة في مجال الإعلان المرتبط بخدمات محركات البحث على الإنترنت وإرسال رسائل بريد إلكتروني عن طريق جي ميل, واعرف ان اسم جوجل اختير ليعكس المُهمة التي تقوم بها الشركة، وهي تنظيم ذلك الكم الهائل من المعلومات المُتاحة على الويب.
لا انكرُ ابداً ايها الشيخ الجليل انك تُجيب على معظم الاسئلة والاستفسارات وبسرعة البرق التي يطرحها عليك ملايين ملايين البشر, وانك لا تقول (لا) الا بالتشهد, وحين تعتذر عن الاجابة تعبر عن ذلك بــ(عفوا, لا توجد نتائج بحث عن...) ثم تغيب, نعم ايها الشيخ الجليل فقد قلت (لا) وبها افتيتُ, وما سيرتك الذاتية الا العطاء وتنظيم معلومات العالَم وجعل إمكانية الوصول إليها ممكنة من جميع أنحائه وجعلها مفيدة للجميع, واسمك ايها الشيخ الجليل «غوغل» يعني استخدام محرك البحث في الوصول إلى ملايين المعلومات على شبكة الإنترنت.
صدقوني والخبر ما زال طازجاً, انه قبل ايام طلب احد اعضاء هيئة كبار علماء المسلمين في احدى الدول العربية, طلب بالحرف الواحد من احد المتصلين به من خلال برنامجه الاسبوعي, طلب من السائل الاستعانة بمحرك البحث الشيخ «غوغل» لمعرفة اجابات مثل هذه الاسئلة التي تطرح عليه, حيث قال هذا العضو وهذا العالم: (فيه شيخ اسمه غوغل, ونحن نسأله), اشارة من هذا العضو وهذا العالم لهذا الشخص ان لا يسأله ويستفتيه في بعض المسائل طالما ان هناك شيخ يدعى «غوغل»,...انا احترم جميع اعضاء هيئة كبار علماء المسلمين في تلك الدولة العربية, لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا, كيف يميز شيخنا الجليل «غوغل» بين اراء المذاهب الاربعة (الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي) في كثير من المسائل، حين يطلق اية فتوى قد تطلب منه في هذا الكون؟
يعذرني هنا الشيخ «غوغل», فانا لن اوجه له اية سؤال ديني, او ان استفتيه في أية فتوى, لان الفتوى امانة والامانة ثقيلة, ويترتب عليها اشياء كثيرة, لكن (يكرم) له ان اخذ منه ما هبّ ودبّ من المعلومات والبيانات والادعية في جميع المجالات, ...ان برامج مثل برامج فتاوى على الهواء عفوا فتاوى على المحرك «غوغل» فيها مجازفة, لان الافتاء احياناً يجب ان يكون بحسب السائل لا بحسب المسائل, فالمحرك الشيخ «غوغل» لا يراعي حال المستفتي, في حين ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يراعي حال المستفتي, ومثال على ذلك عندما سُئل صلى الله عليه وسلم عن افضل الاعمال, قال مرة (الصلاة في وقتها), وقال مرة (الجهاد في سبيل الله), وقال مرة (بر الوالدين), وهذا ليس فيه تناقض بل هو مراعاة لخصوصية السائل لا بحسب المسائل, ثم ان المفتي يجب ان يتقصى حال المستفتي, وهذا لا يستطيع القيام به حاليا المحرك الشيخ «غوغل».
اذا وصل بنا الامر ان تكون الفتاوى عبر المحرك «غوغل», فما بال أقوام ان تكون تربية اطفالهم عبر المحرك «غوغل», وان تتشكل عقيدتهم عبر المحرك «غوغل», وان يكون شكل مواليدهم عبر المحرك «غوغل», نعم ما بال أقوام ان تُزرع بذور كراهيتهم ومحبتهم فيما بينهم عبر المحرك «غوغل», وان تفرغ انفعالاتهم عبر المحرك «غوغل», واكثر من ذلك ان تُدفن اوطانهم عبر المحرك «غوغل».
سؤال للشيخ «غوغل», الرقص بالعتمة, ...عتمة الليل, حلال ام حرام؟