الطريق الى السفارة الاسرائيلية في عمان

الطريق إلى السفارة الصهيونية في عمان

 

 

أحمد الربابعة

 

يظهر أن ثمار الربيع العربي، وبركات رياح التغيير التي هبت على منطقة الشرق الأوسط، مطلع عام 2011م لم تقف عند حد إسقاط أصنام العرب وحدها؛ وإنما أيضا تعدتها لتُطال من كان يتحكم بتلك الأصنام ويرسم لها شيئاً من سياساتها !

 

فرأينا في ظل الربيع العربي، كيف تم طرد السفير الصهيوني من تركيا وإغلاق سفارته هناك، بعد تعنت إسرائيل بعدم الاعتذار عن قتل تسعة متضامنين أتراك مع غزة في سفينة مرمرة عام 2010م، وما رافقه من توتر العلاقات التركية الصهيونية وصلت إلى حد تعليقها، لدرجة يمكن أن تتطور فيها إلى نزاع تركي صهيوني لا يعرف حتى الآن ما يمكن أن يكون شكله ! ثم تبع ذلك بركات النيل المصري حين هب الآلاف من أبناءه نحو سفارة العدو الصهيوني، الذي قتل خمسة جنود مصريين قبل نحو أسبوعين، ليردوا الاعتبار لشهدائهم ولدولتهم، من خلال اقتحام السفارة والعبث بمحتوياتها، ومحاصرة عدد من موظفيها في الداخل، لولا تدخل قوات كوماندوز مصريه عملت على تهريبهم مثلما أًذيع، وليتم بعد ذلك هروب السفير الصهيوني وعائلته وعدد من موظفيه بطائرة عسكرية صهيونية عملت على إنقاذه من مطار القاهرة.

 

وبعد بدء التطهير للدنس الصهيوني في المنطقة، والانهيار الإسرائيلي الدبلوماسي في دولتين، كانتا في يوم من الأيام حليفين استراتيجيين للكيان الغاشم، يجري الآن الإعداد والتحضير للتوجه نحو خلية سرطانية اخرى تربض في رابية عمان، لطالما كوت الأردنيين بنيرانها وأورامها، وبعدت الهوة بينهم وبينا حكوماتهم بسببها، فشاهدنا وسمعنا كيف اندفع الأردنيون وعبر صفحات (الفيسبوك) للإعلان عن تسيير مليونية أردنية نحو تلك الخلية السرطانية يوم الخميس 15/9/2011م.

 

الحكومة الأردنية أحست بحجم الغضب الشعبي القادم، وربما قدرت لأبعاده، وهذا ما دفعها إلى تشديد الإجراءات الأمنية في محيط سفارة العدو في منطقة الرابية، وبالتأكيد أن الضغط  الذي تقع تحته الحكومة الأردنية الآن كبير، وكبير جداً؛ ربما يفوق ضغط دوار الداخلية أو مسيرات الحسيني أو حراك الجنوب، فهي الآن ليست أمام متظاهرين يطالبون بإصلاح النظام، أو إقالة الحكومة، أو محاسبة الفاسدين، كما حدث في الأيام الماضية، حين انقسم الشعب ما بين مؤيد وداعم لتلك المطالبات، وما بين رافض لها ومدافع عنها، بل هي الآن أمام موجة غضب شعبية محتقنة منذ سنوات، على كيان ربما لا يختلف أردنيين على أنه عدو الماضي والمستقبل، وليس على حكومتها، وهي الآن تقف بوجه غالبية شعبية وليست فقط أحزاب وتيارات سياسية، وهي أيضاً أمام نسخة مماثلة لنسختين انتصر فيهما الشعب في تركيا ومصر، تجعل موقفها من التصدي لتلك المسيرة خجولاً، وعدم التعامل بحكمة مع تلك المسيرة قد يكلفها الكثير، وربما يدخلها في سيناريوهات لم تكن على أجندتها. بل وحتى من وصفوا بأنهم بلطجية قد لا يؤدون الغرض هذه المرة، بل ربما يشاركون بأنفسهم في التوجه للسفارة، ويكونوا العدد المكمل للمليون في تلك المسيرة !

 

أما رقم مليون الذي يأُمل أن يكون هو أو ما يقترب منه، عدد المشاركين في مسيرة الخميس، فليس هو الغاية ولا هو النتيجة، ما دام أن بضعة آلاف من الأردنيين فقط، إن لم يكن مئات، يمكنهم أن يفعلوا ما فعله المصريين في القاهرة، وبحسبة بسيطة نستخدم فيها (النسبة والتناسب) سنجد أن عشرة آلاف أردني من ستة مليون (عدد سكان الأردن) سيتوجهون إلى الرابية يوم الخميس، هو بمثابة مليون شخص أو أكثر، مقارنة ببضعة آلاف من المصريين فقط من ثمانين مليون (عدد سكان مصر) قاموا باقتحام السفارة الصهيونية، وبالتالي فان مسيرة يوم الخميس في عمان ستنال باستحقاق وصف المليونية.

 

وإذا كان طرد الأتراك للسفير الصهيوني بسبب قتل تسعة مواطنين أتراك ! واقتحام السفارة الصهيونية في القاهرة وما رافقه، بسبب قتل خمسة جنود مصريين ! فإن ثأر الأردنيين مع السفارة الصهيونية في بلادهم هو أكبر بكثير، يبدأ من موت وإصابة الأف الأردنيين بالسرطانات المختلفة نتيجة للإشعاعات المنبعثة من مفاعل ديمونة النووي، ومن دفن النفايات الإسرائيلية في الأراضي الأردنية، ومن ثم عطشهم من الماء، الذي وعدوا بحصول حصتهم الكافية منه من مياه نهر الأردن، بعد معاهدة وادي عربة، والذي لا تعطيهم منه إسرائيل إلا القليل، مروراً بعشرات المعتقلين الأردنيين في سجون الاحتلال الصهيوني، وليس آخره العار الذي يلاصق الأردن والأردنيين نتيجة إقامتهم لعلاقات مع الكيان الصهيوني.

 

اذاً يبدو أن الأنظار في الشرق الأوسط تتطلع بترقب لما يمكن أن يحدث يوم الخميس للسفارة الصهيونية في عمان، ويبدو أن نوم الصهيونيين هذه الأيام كمن في بطنه حمص، هو القلق الذي أعلنت عنه صحيفة (معاريف) العبرية في عددها الصادر اليوم الثلاثاء، والذي تحدثت عنه بقولها : " جاء الدور على سفارتنا في عمان بعد سفارتنا في أنقره وسفارتنا في القاهرة !)

 

Ahmad.ALrababah@kermalkom.com