علاقات الأردن.. «شربة ماء من كل نهر»



أختلف بالكلية مع الاستاذ ماهر ابو طير في مطالبته الاردن بضرورة الاعتماد على حليف قوي اوحد، نرمي كل ثقلنا في سلته، محتجا ان عدم توافر ذلك يؤدي لإضعاف موقف الاردن ويجعله معزولا.
قد تكون مقاربة ابو طير صحيحة، لكنها مشروطة بكون حلفائنا الاقدمين لا تتصادم اجنداتهم «التحالفية» مع هوية الاردن، ومصالحه العليا.
هنا علينا ان ندرك الفرق، فخلافاتنا مع واشنطن والرياض ليست في مسائل يمكن هضمها، فهي ليست من النوع المرحلي بقدر كونها استراتيجية تمس مستقبل الاردن وشكله ووجوده.
«شربة ماء من كل نهر» تعبير خاص بالزميل ابو طير، لكنه لا يروق له كأحد مخارج مأزق علاقاتنا مع الحلفاء، مع انني أراه مخرجا آمنا للاردن في هذا التوقيت الاقليمي والدولي الصعب.
دعونا نقولها بصراحة موضوعية، الاردن لا يملك القدرة على الذهاب لمحور (طهران – دمشق- بغداد)، ولا يملك الرغبة الكافية للاقتراب بعمق من محور (تركيا – قطر).
اما الحليف التاريخي «واشنطن – الرياض»، فالحد الادنى معه هو الاسلم للهوية الاردنية، لأن التماهي مع حلفهم ستكون عواقبه وخيمة وخطيرة.
هذه الخارطة في طبيعة المشهد الاقليمي، يجعلنا اكثر مطالبة بالتعامل مع الجميع بحذر وفائدة، بمعنى ان يكون التوافق والخلاف مبنيا على مواقف محددة وسياسات منفصلة، مبتعدين عن منطق «كل البيض في ذات السلة».
هذه السياسة مكلفة، لكنها خيار افضل من القبول باشتراطات الحلفاء القاسية، فما المانع ان نضع العلاقة مع حلفائنا التاريخيين في حدودها الدنيا مع الانفتاح «غير التحالفي» مع الآخرين.
هناك علاقة جيدة مع العراق، دون ان نكون في محور ايران، وعلاقة نامية مع الدوحة، دون اشتراطات من اي نوع، ويمكننا ان نستعين بتركيا دون ان نغضب الحلفاء.
هذه سياسة معقولة، يمكن تعميقها اكثر وفق احترافية عالية، ومرة اخرى، لا خيار امامنا الا المشي على حبل مشدود، وحين يعود الحلفاء لرشدهم سيكون لكل حادث حديث.