جهاد المومني يكتب : الملك يرد

لعل بعضنا فوجئ بما ورد في حديث جلالة الملك أول من امس لنخبة من المثقفين الاردنيين حول المخاوف من مؤامرة الوطن البديل, فالمعروف بالنسبة لنا والمتداول بيننا منذ عقود مضت ان الولايات المتحدة والدول الغربية لا تترك مناسبة الا لتمارس الضغوط على الاردن كي يحل القضية الفلسطينية على حسابه (الوطن البديل), واليوم يؤكد الملك عبد الله على انه لم يسمع يوما من رئيس أميركي او اوروبي طلبا بهذا الخصوص، وهنا تكمن المفاجأة التي تضاف الى قائمة طويلة من (المغلوطات)المتوارثة من جيل من المثقفين الى الجيل الذي يليه.

في مقال الاحد حذرنا من توقيت تسريبات (ويكيلكس الاردن) وقلنا ان الاردن الآن يوضع في مطحنة الوثائق كي يصبح على كل لسان، والسبب ليس الحرص على ان يعرف الاردنيون الحقيقة، بل اشعال فتنة كلامية وتوفير مضيعة للوقت تلفت الانظار عما تحقق لهذا البلد ولهذا الشعب خلال الشهور السبعة الماضية، والجاهل من يعتقد ان ما تحقق قليل ولا يثير حفيظة الغريب قبل البعيد، فالدستور الذي كان محظورا الحديث فيه جرت له عمليات جراحية لتعديله وفق طلبات الناس وليس استجابة لاملاءات الدول المانحة كما يسرب البعض من مغلوطات، والدولة كلها تتجه نحو تغيير سنرى نتائجه بعد اقل من سنة، هذا التغيير يجدد للمملكة الرابعة ويرسخ عن قناعة وشرعية تقوم على الانجاز, النظام السياسي الاردني على انه فريد وليس له مثيل في المنطقة العربية، ولان نتائج الحراك الشعبي اتفق تماما مع تطلعات القيادة على خلاف ما جرى ويجري في اي بلد عربي، فان خصوم الاردن يتحركون اليوم لنصب كمين لعربة الاصلاح وزرع بذرة الاحباط من جديد في قلوب وعقول الاردنيين ودفعهم الى التشكيك بالحاضر والمستقبل عن طريق استحضار الماضي في غير موعده، وما وثائق ويكيلكس - اكانت صحيحة ام مفترية-والتي احجمت الجهات التي تمول هذا البعبع عن نشرها انتظارا لهذه اللحظة الا احد الادلة على ان عملية الاصلاح في الاردن لا تتفق لا مع مصالح اسرائيل ولا مع النظرة الاميركية الحقيقية الى المنطقة العربية التي تريدها جرداء الا من الديكتاتوريات والتخلف.

الآن يختار الملك توقيته الخاص للرد بدبلوماسية على عبث المتآمرين والجهلة مذكرا بأن الاردن ليس لقمة سهلة حين يتطلب الأمر الدفاع عن وجوده وسيادته، غير ان الخطر الحقيقي لا يأتي من الخارج الا على شكل مصائد تنصب لضعاف الانفس في الداخل الذين تحركهم الشائعات واحيانا الرغبة في تبني الاكاذيب وجعلها حقائق يعتد بها حتى بالرغم من كثرة الشكوك حولها، وعلى فرض انها حقائق موثقة بتسجيلات وتواقيع، لماذا تفتح هذه الملفات الآن، وقد ذكرنا قبل هذه المرة بتوقيت نشر وثائق ويكيليكس عشية الربيع العربي الذي يتنفس مؤامرة كبرى ستحيله الى خريف كئيب كما تدل على ذلك مجريات الاحداث.

نعم, يراد للأردن ان يدفع الثمن ولنفس السبب الذي تحدث عنه الملك وهو الوقوف ولو بالقوة بوجه مؤامرة الوطن البديل,وهل يتصور عاقل ان مثل هذا الموقف الذي سمعناه من ملك البلاد يلقى الترحيب في واشنطن او لندن او باريس او غيرها، وهل يتصور من يعتقد انه مفكر ومحلل وسياسي او معترض، ان الاردن لو قبل بما يريدون فهل سيكون حالنا على ما نحن عليه..!؟