نصائح 'أخوانية' للنظام الأردني بإستثمار قرار السلفيين وغيرهم بالعمل فوق الأرض

 

بسام بدارين - تقدم القيادي البارز في التيار الإسلامي الأردني الدكتور نبيل الكوفحي بنصيحة ثمينة من طراز خاص لأحد المسؤولين في الدولة الأردنية: إفرحوا ولا تبتئسوا فوجود حزب التحرير المحظور والحركة الجهادية السلفية في الشارع عبر الإعتصامات العلنية والسياسية أو غيرها 'نبأ سار' وليس سيئا إطلاقا.
وفكرة الكوفحي الذي يترأس لجنة التخطيط السياسي في أكبر أحزاب المعارضة في البلاد بسيطة وقوامها أن خروج تيارات من طراز حزب التحرير والجهادية السلفية من تحت الأرض والعمل فوقها خطوة مهمة ينبغي ان تدعمها السلطة ولا ترتاب فيها.
لكن جهات نافذة في السلطة تتجاهل نصيحة الكوفحي ولا تريد ممارسة الفرح المقترح فالإستراتيجية الرسمية والأمنية في التعامل مع ملفات الجهاديين حتى الآن لا زالت متصلبة وقاصرة حسب المحامي المتخصص في قضايا السلفيين موسى العبدللات الذي يعتقد بانه السبب المركزي للتقارب الأخير اللافت بين الأخوان المسلمين والسلفيين حيث تعانق الشيخ همام سعيد كبير الحركة الأخوانية مع الشيخ أبو سياف احد كبار السلفيين مرتين مؤخرا الأولى في معان جنوبي البلاد، حيث يتواجد السلفيون بكثافة والثانية في عمان حيث يحكم الأخوان المسلمون معادلة الشارع والمعارضة.
العبدللات او الملقب بـ 'الزيات الأردني' يقترح منذ أسابيع على الدولة والحكومة والأجهزة الأردنية إستراتيجية عمل مختلفة مع التيارات الجهادية خصوصا السلفية التي يحاكم نحو مئة من أعضائها حاليا فيما يوجد بالسجون نحو 200 والبقية مطاردين.
وتصورات العبدللات كما سمعتها 'القدس العربي' منه مباشرة تقضي بإستغلال وإستثمار ميل السلفيين الجهاديين المرحلي للتحاور والنقاش حول قضايا بسيطة تخصهم وتحتل الأولوية بالنسبة لهم من طراز تحسين ظروف زملائهم المساجين والإفراج عن الموقوفين منهم.
هذه القضايا وفقا للعبدللات بسيطة جدا وتستطيع الدولة إدارتها بدون كلفة، لكن عوائدها الإستراتيجية والسياسية كبيرة جدا وتجاهلها يعني الدخول في سيناريوهات معقدة إحتمالات سيئة.
وعند البحث عن شروحات من العبدللات تتضح المقاصد فالرجل من أقرب المقربين للسلفيين وأبرز وكيل قانوني عنهم وما يسمعه منهم مباشرة أن إستراتيجيتهم السياسية وليس العقائدية لا زالت تحظر على أنصارهم تنفيذ أي عمليات عسكرية أو جهادية على الأرض الأردنية فهم يكتفون بالدعم اللوجستي الخفيف لمن يريد الجهاد في العراق او فلسطين ونشاطاتهم على الساحة الأردنية لا تتجاوز هذا السقف إطلاقا.
وما لا يقوله المحامي الشهير ولا الدكتور الكوفحي ان الأنظمة المسيسة سبق ان أبقت نوافذ التواصل مع الجهاديين بما في ذلك تنظيم القاعدة لأسباب تتعلق بحماية الساحات الداخلية لهذه الأنظمة فما الذي يمنع الدولة الأردنية من صفقات مماثلة مع جهاديين سيتحركون بكل الأحوال؟.
ومؤخرا قال القيادي السلفي الشيخ أبو محمد الطحاوي وهو أبرز الموقوفين حاليا من داخل السجن لوفد يمثل المركز الوطني لحقوق الإنسان بأنه مستعد مع أنصاره لأي حوار مع السلطة ينتهي بتجديد وتوثيق إتفاق ضمني بعدم محاولة تأسيس أي خلايا جهادية تعمل في الساحة الأردنية، لكن الشيخ الطحاوي كان له شرط واحد ووحيد وهو أن السلفيين لن يعلنوا بأي حال انهم ضد الجهاد في فلسطين والعراق.
الطحاوي قال عندها: رقابنا دون ذلك والسلطة تعرف أننا صادقون ولا نلعب سياسة بمثل هذه المسائل مثل غيرنا 'يقصد الأخوان المسلمين'.
ومن هنا يمكن القول ان التقارب التكتيكي الذي ينفذه الأخوان المسلمين مع التيار السلفي المحلي والمدعوم بمحاولات مماثلة في مصر في الواقع حسب المحلل السياسي أسامة الرنتيسي.. هذا التقارب قد يشكل مستجدا يدفع السلطات الأمنية الأردنية لعدم إقفال باب الحوار والأفكار التي تطرحها شخصيات من طراز العبدللات والكوفحي.
لكن ما يفهم من التصريح الأخير للعبدللات ان المؤسسات الرسمية تستمع للكلام وتصغي للأفكار لكنها لا تتخذ مبادرات وخطوات منتجة لإحتواء ملف السلفيين.. لذلك سمعت 'القدس العربي' العبدللات يحذر من هذه السلبية في الموقف الرسمي ومن الإحتمالات السيئة التي تثيرها لإن الضغط على السلفيين وبدون مبرر ولأنهم تقدموا للشارع بمطالب بسيطة تتعلق بسجنهم والإساءات لهم في الإحتجاز هو إستراتيجية عقيمة جدا قد تضغط على السلفيين وتدفعهم لتغيير قواعد اللعبة وهو ما لا يريده احد.
الإنطباع عموما أن بعض الجهات النافذة في مواقع القرار لها مصلحة في إبتكار وإدامة صراع مفترض مع التيارات السلفية الجهادية وأن البعض في المستوى الرسمي يعتبر المسألة 'وظيفة ودورا'.