الأردن والخليج ليست المصالح وحدها


مصالح الأردن فوق كل اعتبار، وهو يتحرك وفق مصالحه الوطنية، وجميع دول الخليج لها علاقات تاريخية طيبة معنا، ولكل دولة خصوصيتها، لا فارق بين دولة واخرى، لكن حجم طبيعة العلاقات يختلف وزنها بين دولة واخرى، وكذلك المواقف بالنسبة للطرفين.
وقفت المملكة العربية السعودية مع الاردن في الكثير من المحطات الهامة، التي تطورت بين البيتين الحاكمين خلال قرن من الزمان، وهي علاقة متوازنة ومحترمة وعاقلة، وللعربية السعودية فضل كبير في دعم الاقتصاد وفرص العمل والمشاريع الكبرى.
كذلك بنت الإمارات العربية علاقة وطيدة لم تهتز برغم الظروف التي لفت المنطقة منذ العام 1990، وقبيل الاتحاد الإماراتي كانت العلاقة كبيرة مع أبو ظبي، التاريخ يرصد وثائق وبرقيات بين الشيخ زايد رحمه الله والراحل الكبير الحسين بن طلال في احلك الظروف يضع فيها زايد امكانيات ابو ظبي في خدمة الأردن، والعلاقة اليوم في غاية النضج والاحترام، والدعم الامارتي لم ينقطع للدولة الأردنية بكل مؤسساتها ومشاريعها وفقرائها.
مرّ على الأردن ازمات كبيرة وجلها اقتصادية، وليست وجودية متصلة بتهديد خارجي، وقفت دول الخليج بحسب قدراتها، الكويت بنت علاقة وطيدة من خلال الصندوق الكويتي للتنمية الذي شيد ودعم مشاريع كبرى في الأردن وبدون منّة، وبعد عام 2000، في عهد الملك عبدالله الثاني تطورت علاقاتها مع البلد وبخاصة الاستثمار فغدت نموذجا فريداً، في ذلك.
سلطنة عمان والبحرين وقطر أيضاً كانت وما زالت علاقتها بالاردن متميزة، وثمة تقدير لظروف الأردن في كل دول الخليج، والأردنيون إذ يعملون هناك من عقود، وبرغم محاولات التوطين في الوظائف إلا أن الأردني حافظ على البقاء، نتيجة لاخلاصة وكفاءاته، الي يقدرها أهل الخليج.
لدينا علاقات راهنة ممتازة مع قطر، وكانت علاقات قوية برغم الاختلاف ببعض وجهات النظر في بعض الملفات، لكن اليوم يوجد دعم قطري كبير لتوفير فرص عمل للشباب الأردني المتميز وليس فقط مسألة إعاشة وعون، بل إن الخيارات لا تتم كذلك في الدوحة التي تشهد بالكفاءة الأردنية كما غيرها من عواصم الخليج، ولقطر مشاريع استثمارية مالية في الأردن، وهناك عدد كبيرمن طلابها في الأردن، والعلاقة مع سلطنة عمان، تاريخية ووطيدة.
لا يحب الأردن أن تنعكس ازمات الخليج عليه، فنحن معنيون بالمصالحة الخليجية أمس واليوم وغداً، ولكن الأهم هو أن تحرك الأردن في علاقاته دوما لا يبقى محكوماً فقط بالمصالح التي هي مهمة جدا، بل هناك الوشائج والتاريخ المشترك والوفاء.
ليس الأردن طالب مساعدات فقط، فالكل يعلم قيمة الخدمات في الاردن طبية كانت ام سياحية ام ترفيهية ام علمية وفنية وأمنية، فثمة كوادر بشرية أردنية تعمل في الخليج غاية في المهنية والإخلاص بعملها، وهي كوادر لا تجامل ولا تجيد النفاق للمسؤولين، تلك هي صفاتنا التي لا نغيرها وهي رأس مال الأردن الدائم.