.. الأردن والدلع الوطني والقومي!



.. دون الويكيليكس كنّا نعرف الجماعات التي تطالب «بالحقوق المنقوصة» بعد أن اثارتها مادلين اولبرايت وكنا نعرف، بالمقابل، المتحمسين لإعادة الأردن إلى امارة شرق الأردن!!.

ولعلني لا أضيف لما أريد أن اقوله هنا، إذا كنت ابتعدت عن حضور حفلات وعشاءات السفارات العربية وغير العربية منذ أكثر من عشر سنوات، لما كنا نسمعه من «جرأة الرأي» بعد كأس الوسكي الثانية، وتفكك الشخصية «الرسمية» من شوزيفرينيا الوطنية الأردنية وكافة المنابت والأصول إلى إقليمية صغيرة تستجدي نفسها من مستمع أجنبي برتبة سفير أو برتبة سكرتير ثالث لا فرق، ولعل آخر غداء حضرته كان في السفارة البريطانية حين فرد صحفي متسلق، نسيت اسمه، كل ذكائه السياسي ووصل إلى حد: قيام دولة ونصف فلسطينية في الأردن وفلسطين قريباً. وحين سأله السفير: أين سيكون النصف؟!. أجاب الصحفي الذكي: في الضفة أو الضفة وغزة!!.

لم ادرك حجم الاهانة التي تلقيناها وتلقى شرارها زملاء آخرون، إلا بعد ان غادرنا مكثوري الخير، وقررت من وقتها الاعتذار او عدم الاعتذار عن الدعوات الكثيرة التي اخذت تتناقص حتى اصبحت قليلة جدا.

نشر برقيات الويكيليكس، ليست مفاجأة ولعل حرارة النقاش الصحفي الان هو جزء من القصة فهناك محترفو ترويج اسود في بلدنا «ينشطون» على مستوى السفارات، لكنهم يتبعون فئة صغيرة لا قيمة سياسية لها، وقد تخرج هذه الايام من «حرم السفارة» الى الشارع وتأخذ اسما تبركا باسماء مصرية ويمنية ولبنانية ولكنها مع ذلك تبقى صغيرة وتبقى تتحرك في حماية الامن. ولعل الحكومة تفعل خيرا اذا تركت تظاهرات يوم الجمعة دون حماية امنية، فالشارع ذاته كفيل بانهاء التظاهرات وكلنا يعرف ذلك.

في بلدنا حجم هائل من الدلع الوطني والقومي، هذا الأردن الضخم قادر على «التدليع» حين تكون الأمور في الحد المسلي، لكنه ليس سهلاً. ونحن لا نتحدث هنا عن الوحدة الوطنية أو كافة الأصول والمنابت، وإنما عن الأردن الذي ينتمي فقط.. إلى الأردن!!.