متى يُزهر الربيع العربي ؟؟؟
حساب السرايا غير حساب القرايا
قد يكون العالم الغربي هو من اطلق على حركات التحرر العربية إصطلاح الربيع العربي على أساس ان تلك الحركات سوف تأتي أوكلها خلال فصل واحد ولكن وبالرغم من ان المخططين الغربيين حاولوا استغلال موجات التحرر العربية لصالحهم ولتعزيز مصالحهم مستعينين بذلك على حاجة الثوار والمنتفضين ومعظم الدول العربية إلى التمويل للصرف على تلك الحركات الناشطة ودفع عجلة التنمية في تلك الدول تحت انظمة الحكم الجديدة وهناك مفارقات كثيرة واكبت تلك الأنشطة أوّلها الفروقات الزمنية بين تلك الحركات في الدول العربية وكأنها تسير بمفتاح switch))يتم تشغيله وإيقافه حسب كل حالة وتداخل الحالات مع بعضها البعض أو هناك تنسيق بين جميع المنتفضين وقد تأكد للجميع أن الحالات ليست متشابهة تماما وأن صعوبات تعترض بعض الحركات وأن العملية ستستمر اكثر من فصل واحد وقد تمتد لفصول عديدة منها الحار ومنها البارد .
وأهم اداة تلعب دورا مهما هي الآلة الإعلاميّة وأهم عامل يلعب دورا هو فظاعة فساد الحكّام ونهبهم لموارد البلد وحريّات العباد .
وما يميز الثورات العربيّة انها تبدأ بالمطالبة برغيف الخبز وثمّ بالحرية وثم بالعدالة واجتثاث الفساد وتنتهي برأس الحُكُم بينما إشتعلت مظاهرات في إسرائيل (وهي ليست مثالا طيبا لنا) طالبت برغيف الخبز(مجازا) تعبيرا عن رفض رفع الأسعار وغلاء المعيشة وانتهت عند ذلك وهذا دليل على اننا فعلا بحاجة إلى ديموقراطيّة حقيقيّة في مجتمعاتنا لنتفرّغ فقط للمطالبة بحقوقنا المعاشيّة ونترك السياسة والدفاع عن سيادة الوطن وحدوده للحكومات الوطنيّة التي تمثّل شعوبها والمنتخبة بنزاهة وشفافيّة وليست مُفبركة ومزوّرة وبناء على تعدديّة حزبيّة .
ثلاث دول عربيّة إفريقيّة انتهى ربيعها أو كاد ودولتين في اسيا جائهما المخاض ولكن تعسّرت الولاد ة ودولة ثالثة سارع درع الدكتور العربي ووضعها اصبح افضل وبقيّة الدول يأتي لأنظمتها الوجع بين حين وآخر ولكنها تشعر وتتوهم أن موعدها لم يحن بعد .
وأول إمتحان فعلي كان بالأمس القريب حيث إقتحم شبان مصريّون السفارة الإسرائيليّة تلك القلعة الحصينة ألعصيّة على كل يد نظيفة في الماضي القريب وبالرغم مما قيل عن الممول للإقتحام او المدبّر له أو علاقته بالنظام الراحل إلاّ أنّ الشعب العربي المصري نجح في الإمتحان فبالرغم من سقوط عدد من الشهداء عليهم الرحمة إلاّ أنّ الرسالة كانت واضحة للصهاينة والأمريكان مع ان الرد قد تأخّر اربع واربعون عاما منذ كامب ديفد وعرف زعماؤهم انهم قد يتصافحون مع قادتنا وقد يصنعون سلاما زائفا معهم ولكن عندما يريدون سلاما معنا كشعوب فإنّ لدينا شروطا لذلك أهمّها إعادة الأرض المسلوبة وإعادة الإعتبار للفرد العربي في حساباتهم.
وعادة يُقال حساب السرايا غير حساب القرايا حيث لم يدر بخلد الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل انها مهما صادقت من الزعماء العرب فمهما قصر الزمن او طال فإنها كان أولى لها صداقة الشعوب العربية وصدق التعامل وربط المصالح معها لأنّ الشعوب أطول عمرا من حكّامها ويصبح هؤلاء الحكّام عبئا عليها وتتخلّص منهم .
وإذا سلّمنا بكلّ مآسينا العربيّة حتّى الرابع من حزيران عام 1967 ورضينا بنصيبنا حتّى بهزيمة 1948 وانشاء الكيان المغتصب فهل من الجريمة ان نثبّت حقّنا عند ذلك اليوم ألا يكفي اننا قبلنا التخلّي عن اجمل شواطئ الكون لليهود القادمين من صقاع الدنيا لتكون وطنا يضمّهم ويعيشوا فيه بسلام ألا يكفي ما قتل اليهود منّا مقابل ما يدّعون لضمان الأمن لهم , لننسى نحن الشعوب تلك الحقبة من الزمن بما تحمّلنا من شهداء وجرحى وهدم بيوت وأشجار زيتون رمز السلام وليعش اطفالنا حياة هانئة بعيدا عن الخوف والدم والحقد . فسلام الشعوب هو الذي يدوم ويُطعم منّا وسلوى بينما سلام القادة هو الذي يمشي على الحبال متأرجحا آيل للوقوع .
فهل إذا انتهى مخاض الربيع العربي تُدرك امريكا واسرائيل أنّ عليهم تغيير مسار تفكيرهم وسلوكهم مع الأنظمة العربيّة الجديدة ومع الشعوب العربيّة الجريئة التي تستطيع ان تنتزع حقوقها من حُكّامها بل وكذلك من مُغتصبيها .
أو نغضب كما قال الشاعر محمود درويش
سـجـــــل! أنــــــــا عــــــــربـــــــــي
أنا إسم بلا لقب
صبور في بلادٍ كلُ ما فيها
يعيشُ بفورة الغضب
جذوري...
قبل ميلاد الزمان رستْ
وقبل تفتح الحقب
المهندس احمد محمود سعيد
دبي – 12/9/2011