فهد الخيطان يكتب: التعديلات الدستورية.. ماذا دار في الحلقة المغلقة ?
ثغرات لا بد من معالجتها ووجبة ثانية يتعين اعدادها سريعا .
مرت التعديلات الدستورية في ثلاث مراحل بدءا من اللجنة الملكية مرورا بالحكومة وديوان التشريع وانتهاء بمجلس الامة. في المحطة الاخيرة هذه خضعت التعديلات لنقاش في اللجنة القانونية وستخضع للمزيد منه تحت القبة قبل ان تحال الى الاعيان.
الحكومة لم تكتف باقتراحات اللجنة الملكية وادخلت تعديلات اضافية ابرزها تعديل المواد المتعلقة بالتصويت على الثقة والحجب, ومحاكمة الوزراء. قانونية النواب قامت بدورها باجراء "تحسينات" على التعديلات من بينها الغاء محكمة امن الدولة.
لكن ورغم الرحلة الطويلة التي قطعتها التعديلات بين المحطات الثلاث, الا انها ما زالت بحاجة الى مراجعة وتعديل. هذه هي الخلاصة التي توصلت اليها من المناقشات التي دارت بين قانونيين وسياسيين واكاديميين في الحلقة المغلقة لمركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية.
اظهرت المداخلات القيمة الحاجة الى لفت نظر النواب قبل اقرار التعديلات لجملة من الثغرات لسدها كي لا نقع في اشكالات عند تفسيرها في المستقبل, ولتجنب التعارض او التناقض بين مواد الدستور نفسه. ومن الامثلة على ذلك البند المتعلق بالهيئة المشرفة على الانتخابات "المادة 67" اذ يرى المختصون ان الاشراف لا يعني ادارة الانتخابات, واذا ما بقي النص من دون تعديل فقد ينشأ تنازع على الصلاحيات بين الحكومة واللجنة, ولهذا اقترحوا اضافة كلمة الادارة بحيث يصبح نص الفقرة على النحو التالي: "انشاء هيئة مستقلة لادارة الانتخابات والاشراف عليها".
واثار عضو مجلس الاعيان عبدالاله الخطيب نقاشا مهما حول المادة: "الامة مصدر السلطات" بعد ان اقترح استبدال كلمة الامة بالشعب, معظم الحاضرين خاصة القانونيين امثال العين صلاح البشير والدكتور نوفان العجارمة والمحامي المخضرم راتب الجنيدي ايدوا اقتراح الخطيب.
العين الحالي ووزير العدل السابق صلاح البشير الذي " داخل " في كل المحاور قدم ملاحظات ذكية ومثيرة للاهتمام وان كان بعضها لم يلق قبول المشاركين كدعوته الى الغاء البند المتعلق بحرمان الاردني حامل الجنسية الاجنبية من تولي المناصب الوزارية او الترشح للنيابة. اضافة الى اعتراضه على انشاء المحكمة الدستورية. لكن مقابل هذه الملاحظات الاشكالية اقترح البشير عددا من التصويبات الوجيهة على التعديلات يتعين الانتباه اليها واعتقد انها سترد في التقرير الذي سيصدر عن مركز الدراسات حول الحلقة.
كما كان للدكتور العجارمة والمحامي الجنيدي ملاحظات واقتراحات مهمة لا بد من الوقوف عندها قبل الصياغة النهائية للتعديلات واقرارها.
وحظيت المواد المتعلقة بمجلس الاعيان بقسط وافر من المناقشات وتحديدا طريقة اختيار اعضاء المجلس. اغلبية المشاركين كانوا مع مبدأ انتخاب الاعيان "اذا لم يكن كاملا, فنصفهم في المرحلة الاولى"بينما تمسك رئيس مجلس الاعيان طاهر المصري بمبدأ التعيين في المرحلة الحالية وبصفته عضوا في اللجنة الملكية لمراجعة الدستور قال المصري: "لا بد ان يتم انتخاب الاعيان يوما ما".
تقاطعت المواقف على نحو فريد بين الاسلاميين واليساريين في اكثر من محطة. فقد اظهرت المناقشات ان النائبين اليساريين بسام حدادين وجميل النمري ومعهما امين عام حركة اليسار الاجتماعي خالد الكلالده والناشط اليساري المهندس خالد رمضان يتفقون في الرأي مع القياديين في الحركة الاسلامية الدكتور ارحيل الغرايبة وزكي بني ارشيد على ان التعديلات التي تمت على الدستور غير كافية. عين اليساريين والاسلاميين كانت على المادة 35 المتعلقة بآليات تشكيل الحكومة واقالتها وانتخاب البرلمان وحله. ورغم ان المادة ليست مشمولة بالتعديل وبالتالي لم تكن مطروحة على اجندة الحلقة النقاشية الا ان مديري الحلقة رئيس الجامعة الاردنية ومدير مركز الدراسات الاستراتيجية وافقا على فتحها للنقاش بعد ان تسلل اليها المتحدثون.
جدد الاسلاميون تأكيد موقفهم المعلن بخصوص المادة 35 وقال الغرايبة ومن بعده بني ارشيد ان لا معنى للاصلاح من دون تعديل هذه المادة. وأيدهما يساريون مثل الكلالدة ورمضان.
الاخذ بملاحظات الحلقة النقاشية سيساهم في تطوير التعديلات المقترحة على الدستور, لكن المداولات كشفت مدى الحاجة للتفكير باقتراح قدمه النائب جميل النمري ويحظى في اعتقادي بتأييد واسع وهو اعداد وجبة ثانية من التعديلات الدستورية قبل نهاية العام الحالي للوصول الى التوافق الوطني المطلوب حول عملية الاصلاح.