نحن والحرب !

نحن والحرب !ينشغل المحللون السياسيون والصحفيون في مناقشة احتمالية نشوب أو عدم نشوب حرب جديدة في منطقة الخليج، نتيجة تصاعد الأزمات بين أمريكا وإيران، وقد يغيب عن البعض أن تلك الحرب قائمة، حتى لو لم تكتسب الصفة العسكرية الشاملة التي تتقابل فيها الجيوش وجها لوجه، والسبب الوحيد الذي يحول دون الانتقال إلى تلك المرحلة من الصراع هو أنه لم يحن وقته بعد!


عرفنا مصطلح الحرب الباردة لثلاثة أو أربعة عقود من الزمن بين المعسكر الغربي الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والمعسكر الشرقي الاشتراكي بزعامة الاتحاد السوفيتي قامت خلالها حروب فرعية عسكرية واقتصادية وفكرية وثقافية، مُنِيَ فيها المعسكر الشرقي بهزيمة ساحقة، أدت إلى انهيار جدار برلين، وتفكك الاتحاد السوفيتي، وزال معه توازن الرعب النووي، وسقطت نظرية ماركس في الطبيعة البشرية، ومعها النظرية الماركسية اللينينية، أمام التيار الجارف لليبرالية القديمة والجديدة.
أيا كانت الاحتمالات فهذه المنطقة تعيش حالة حرب، نصفها حرب باردة، ونصفها الآخر حرب ساخنة، وأجواء الحرب الأوسع تخيم على المنطقة، ولا يمكن الاطمئنان لحسابات أطراف النزاع، التي تتجنب كلها تلك الحرب واسعة النطاق، رغم أن أيديها تقترب أحيانا من فتيلها، وأقرب مثال على ذلك حادثة إسقاط إيران لطائرة الاستطلاع الأمريكية يوم الخميس الماضي، وقرار الرد العسكري الأمريكي الذي تم إلغاؤه في اللحظات الأخيرة.
نحن في الأردن نعيش في وسط هذا الصراع، حتى ولو لم نكن جزءا مباشرا فيه، تنعكس علينا تطوراته السلبية، وقد رأينا كيف ارتفع سعر برميل النفط إلى 65 دولارا لمجرد وجود تخوفات من غلق مضيق هرمز أمام إمددات النفط الدولية في حال قامت الولايات المتحدة الأمريكية بضرب إيران، فكم سيصل سعره لو نفذت ضربة عسكرية كانت وشيكة لولا أن ألغيت في اللحظة المناسبة، مرحليا على الأقل؟


والسؤال الأهم ما هي قدرة اقتصادنا الوطني الحقيقية على تحمل أجواء حرب محتملة، بل الحرب ذاتها إذا وقعت، ألا تكفي كل هذه المؤشرات المقلقة لكي نصيغ خطة إستراتيجية خاصة باقتصاد الحرب، سواء وقعت أو لم تقع؟ فذلك احتياط واجب على أي حال.