«خلايا الحب البيضاء»


في رحلة الحياة، كثيرة هي الأشياء التي تحث على البهجة لأولئك السعداء بالفطرة الذين ينظرون للأمور من زوايا عدة، وفي ذلك سر التصالح لو تعلمون!

لا أتحدث هنا عن الاجتهادات والابتهالات والتأملات كافة التي هي جزء لا يتجزأ من مسألة السمو على وجه الخصوص والحياة على وجه العموم، إنما أتحدث عن السعادة كشعور داخلي عميق يجده المرء في أبسط تفاصيل يومه وتلك التفاصيل قد تكون هامشية بالنسبة لغيره، ولكن تعني له الحياة كلها، لأنه يدرك ما معنى أن تحيا!

قد يمر الإنسان بالعديد من المشكلات والتحديات والظروف والمتاعب الحياتية التي تجعل منه شخصا آخر، وبذلك تتغير مشاعره تبعا لتلك المعطيات، وهذا أمر طبيعي، لأن قلب الإنسان من اسمه مجبول على التقلب، ليس المحك هنا خاصية التقلب، فتلك الأشياء السابقة باعتباراتها كافة لا تعد أكثر من كونها مسألة وقتية تتعاقب فيها الأحوال وتتبدل على الكائن البشري لضمان استمرارية الحياة، إنما المحك الحقيقي هي استعادة المسار الطبيعي لذلك الشعور.

 

 


ولا يحدث ذلك بسهولة إلا عن طريق «خلايا الحب البيضاء»، إذ إنها تنقّي روح الإنسان وتطهرها من شوائب الأيام والسنين وتراكماتها، وهي مسألة إرادة بحسب نظرتي الشخصية، فمن أراد السعادة أرادته، ومن أفل عنها أفلت عنه.

و«خلايا الحب البيضاء» هي العامل الرئيس في ذلك، بما أنها تمنح القلب المناعة العاطفية ضد الحقد والحسد والتمييز والبغضاء والتي تتكاثر نتيجة طاقة الكراهية وتشوه الفرد شكلاً ومضموناً.

هناك من تطغى عليه هذه التشوهات وتكون بمثابة وشم على قلبه وملامحه، فلا يستطيع إخفاءها مهما تجمل وتهندم وتفنن في ارتداء الأقنعة، فـ«طاقة الكراهية» إن كان أهم محفزاتها الكذب فتجلياتها لا تكذب أبداً، وبالتالي تسير «طاقة الحب» في الاتجاه المعاكس تماما، وقد تكون كل أجندتها مهيأة للحد من تداعيات طاقة الكراهية والعنصرية والطائفية والتطرف، وبالتالي الاتصال المباشر بشعور السعادة ومنها الوصول لأسمى مستويات الإنسانية مثلما يجري الدم في عروق الإنسان بحسب تكوينه الإلهي مهما كان جنسه أو طبقته أو لونه أو ديانته.

ومثلما أوجد في دمه خلايا الدم البيضاء لكي تمنحه المناعة وتحارب العدوى البكتيرية والفطرية والفايروسية فكذلك تفعل «خلايا الحب البيضاء»، تحارب وتقضي على عدوى الكراهية ليستعيد الإنسان السليم عُمق شعوره الطبيعي بالسعادة والرغبة المتجددة في الحياة، وبُعدًا ثم بُعدًا للمصابين بتلك الفايروسات التي تهدد مستقبل الإنسانية.