بينو: تراجع الحريات يُعد مؤشرًا لحدوث انتكاسةٍ في مسار الإصلاح السياسي الذي جاء به الرزاز

أخبار البلد - مصطفى صوالحه
 

قال النائب تامر بينو إن مشهد الحريات العامة وحقوق الإنسان الذي يُرصد الآن في الشارع الأردني متصدع ويستدعي من الحكومة أن تجد حلًا يُحقق مسار الإصلاح السياسي، مضيفًا أن رئيس الوزراء، الدكتور عمر الرزاز، لا علاقة له بالمشهد المتردي والمتراجع للحريات العامة وحقوق الإنسان، فهو ليس صاحب ولاية عامة، وأن ما يحدث من حملة اعتقالات بحق العديد من الصحفيين فإن الرزاز بريئٌ منها، وأن السبب في ذلك يعود إلى عدم قيامه بدوره كرئيسٍ للوزراء بالشكل المطلوب، فأجهزة الدولة المختلفة لا تؤمن إلى حدٍ ما بسياساته، وهذا يُعد عاملًا مُهمًا في تأخر الحكومة عن إصلاح واقع الحريات.

وأردف  أن إدارة هذا المِلف لا يعتمد على الشخص الذي يرأس الحكومة، فلن يجرأ أحدٌ من الحكومة على التدخل في هذا الموضوع، فأيام وصفي التل وحكومة الأحزاب السياسية المؤثرة لم تعد متواجدة وحتى تعود يجب أن يكون لدى الحكومة نية العودة إلى مرحلة الإنفتاح السياسي، وأن دور حكومة الرزاز يتمثل الآن فقط بتمرير كل ما لا صلة له بالجانب الأمني، وما عدا ذلك من الجوانب تستطيع الحكومة التطرق لها.

وأكد بينو أن الحل الجذري يكمن في الإصلاحات السياسية الموسعة التي تتمثل بحكوماتٍ منتخبة وأحزاب تمارس أنشطتها بكامل حريتها دون أية عراقيل وتُشكل جزءًا من سياسة الدولة، وأن يُعين رؤساء الأجهزة الأمنية من قبل الملك دون أن يكون هناك تنسيبات من الحكومة، وإذا كانت حكومة الرزاز جادة في توسيع أُطر الحريات الصحفية فإن عليها أن تُغير من وتيرة تعاملها مع الأحداث المستجدة، والقادم على ما يبدو مخيف.

ونوّه إلى أن الأسس التي يتم من خلالها اختيار الشخصيات القيادية ووضعها في المناصب الحساسة، غير مفهومة حتى الآن، "كل ذلك دون أن نعلم ما هي مقومات هذه الشخصية، وكيف تم اختيارها، ولماذا عادت مجددًا للميدان، ذلك يُشبه تمامًا عودة وزير الداخلية، سلامة حماد، وما حصل مؤخرًا من حملة اعتقالات عديدة بحق عددٍ من الناشطين والحراكيين والصحافيين".

ولفت بينو إلى أن هناك تخبطًا واضحًا في مسألة التعييين، حتى أن بعض الحالات تشهد تفاجئًا من أبناء الجهاز الحكومي نفسه، في أنه كيف تم اختيار هذا الشخص لقيادة هذا الجهاز، لنجد أن كل ما يحدث في الساحة المحلية هو نتيجة الاختيار العشوائي للشخصيات، وحكومة الرزاز –على ما يبدو- جاءت دون أن تعي دورها الوظيفي.

وأوضح أن أي نظامٍ في دول العالم الثالث يسعى إلى إبقاء الشعب ضعيفًا إلى جانب الاحزاب، وأن يُفتت عُظام المعارضة التي تسأل وتستوجب وتُشكل ثِقلًا في كثيرٍ من القضايا التي يريد أن تكون مَخفية، أو على الأقل موجودة، لكن دون أن يتحدث عنها أحد.

وأكد بينو أن تراجع الحریات العامة وتزاید الاعتقالات على مدار الأشھر القلیلة الماضیة، والتضییقات على النشطاء والحزبیین يُعد بمثابة انتكاسة لمسار الاصلاح السیاسي.

من جانبه، يرى الخبير الحقوقي، كمال المشرقي، أن العديد من المخالفات والخروقات الحقوقية التي تضمنها اعتقال الصحفيين ومنعهم من تغطية اعتصام أهالي معتقلي الرأي أمام المركز الوطني لحقوق الإنسان، تنوعت ما بين المس بالدستور الوطني والتزامات الأردن بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية على حد سواء.

وأضاف أنه على صعيد الدستور الوطني فقد خرق منع الصحفيين واعتقالهم واعتقال المعتصمين نص الفقرة (1) من المادة (8) من الدستور التي تنص على أنه (لا يجوز أن يقبض على أحد أو يوقف أو يحبس أو تقيد حريته إلا وفق أحكام القانون )، والفقرة (1) من المادة (15) من الدستور التي تكفل الدولة فيها (حرية الرأي، ولكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط أن لا يتجاوز حدود القانون )، والفقرة (1) من المادة (16) التي تمنح للأردنيين (حق الاجتماع ضمن حدود القانون)، والمادة (17) من الدستور التي تمنح للأردنيين (الحق في مخاطبة السلطات العامة فيما ينوبهم من أمور شخصية أو فيما له صلة بالشؤون العامة بالكيفية والشروط التي يعينها القانون).

أما على الجانب الدولي، فقد أكد المشرقي أن اعتقال الصحفيين ومنعهم من ممارسة عملهم في تغطية ونقل الأحداث هو مخالفة صريحة للمادة (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فيما يخص الحق في حرية التعبير، حيث نصت المادة على أن " لكل إنسان حق في حرية التعبير ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها".

واعتبر المشرقي أن أداء وسائل الإعلام في إدماج منظومة حقوق الإنسان في تغطياتها لم تصل بعد لحدها الأدنى، وأنها -أي وسائل الإعلام- لم تتفاعل مع قضية اعتقال الصحفيين بالشكل المطلوب، باستثناء وسيلة إعلام واحدة وهي ذات علاقة مباشرة بالاعتقالات، حيث تم اعتقال كادرها.