من المسؤول عن فساد الباص السريع

 

          كتب الملك المؤابي "ميشع " على مسلته "وعبدت الطريق في وادي الموجب" ، ففي عصور الظلام تم تخطيط طريق الموجب الذي يربط محافظة مادبا بمحافظة الكرك ومما يتردد  ان هذا الطريق قد رسمته الحمير والدواب التي كانت تنقل المياه  من سيل الموجب الى المدينتين التاريخيتين، وفي العصر الحديث عندما لجات الدولة الى  العلوم والتكنولوجيا الحديثة لوضع معالم اسهل لهذه الطريق الصعب، تبين ان مسارها الحالي الذي خطته الفطرة البريئة  هو افضل ما يمكن رسمه وتنفيذه

         اعلان الحكومة عن تعليق تنفيذ مشروع الباص السريع في عمان ، هو عبارة عن تمهيد لنعي المشروع ، وفيه تعزية  قبل ان يقال لذويه عظم الله اجركم، اكرموا ميتكم بالدفن.

هذا المشروع كبد الخزينة العامة نفقات دفعتها امانة عمان من جيوب رعاياها، في سبيل اعداد دراسات زائفة ، وتخطيط فاشل، وتنفيذ رديء.

          هذا المشروع كبد المواطنين ازمات مرورية واختناقات ومعاناة وحوادث سير ،وفوات مواعيد وساعات دوام وربما ارواح عزيزة قضت في شارع الملكة رانيا اثناء التنفيذ السلحفائي للمشروع الفاشل .

          هذا المشروع سيحتاج الآن الى نفقات مالية مكلفة لازالة ما احدثه المنفذون من  تشوهات في الشارع ، وسيحتاج الى تكرار المعاناة الشتوية الموسمية التي عاناها المواطنون اثناء تنفيذ المشروع ازدحاما وتلويثا وحوادث.

هذا المشروع يمثل نموذجا لفساد السلطة عندما يستاثر صاحب القرار بسلطات دكتاتورية ، واوامر فردية ظاهرها القوة في اتخاذ القرار والمصلحة العامة وباطنها الضعف والفساد الاداري والمالي والاخلاقي.

        هذا المشروع الذي كناه امين عمان في زمن فارط (MY BABY)   يبدو انه لم يكن ابنا شرعيا فالابن الشرعي  داما ما تستميت امه في الدفاع عنه  ليحيا حتى لو كلفها ذلك حياتها، اما اللقيط فسرعان ما يفرط به كل من يعثر عليه.

           هناك عشرات الملفات المطمورة التي لم يتم التحقيق بها ، وتعليق المشروع هو محاولة لطمر ملف فساد آخر ، والاردنيون الذين لم يعد بوسعهم تجاوز المزيد منها ، ينتظرون من الحكومة الموقرة ان لا تكتفي بوضع المشروع في ثلاجة الموتى باسم التعليق ، بل هي مطالبة بالاعلان الصريح الشفاف عن الخسائر التي نجمت عن تخطيط المشروع وتنفيذه وما سيدفع تعويضا للشركات عن وقف التنفيذ وما سيدفع لازالة ماتم تنفيذه لاعادة الحال الى ما كان عليه، بالتحقيقوملاحقة مع كل من اهدر اموالهم وتسبب في معاناتهم ممن اهمل او اساء استخدام السلطة او قصر ، او ما خفي من تربح وتكسب من المشروع ، بحسن او سوء نية في جميع المراحل التي سبقت اعلان الفشل الذريع.