القمم الاقتصادية مع المستعمرة

القمم الاقتصادية مع المستعمرة
كتب حمادة فراعنة :
لن يكون اجتماع المنامة فريداً من نوعه، ولن يُسجل لمبادريه عبقريتهم أنهم اخترعوا ما لم يُستعمل من قبل، ولن يتمكن فريق الرئيس ترامب أن يضع في تاريخه أنه حقق لرئيسه ولإدارته ما لم تستطع الإدارات الأميركية المتعاقبة : بوش الابن، كلينتون، بوش الأب، أوباما، من تحقيقه، فقد سبق للإدارات الأميركية الأربعة وعباقرتها أن دعوا لمؤتمرات اقتصادية مماثلة، لعلها تخترق جدار الصمود الفلسطيني وتمسك الشعب الفلسطيني بحقوقه الوطنية الثابتة بعد سبعين سنة من عدم الإنجاز وسلسلة الإحباطات التي أثبت فيها ومن خلالها عدونا الوطني والقومي والديني والإنساني : المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي تفوقه واستعماله التدرج والمرحلية لإستكمال خطوات بلع فلسطين والعمل على أسرلتها وتهويدها ولكنه في الحصيلة فشل في إستكمال ذلك، رغم قدراته الذاتية المتفوقة، ورغم الدعم الأوروبي في المراحل الأولى من تأسيسه، والإسناد الأميركي اللاحق ولايزال .
أربع مؤتمرات إقتصادية تمت منذ اتفاق أوسلو التدريجي متعدد المراحل عام 1993 :
1 – القمة الأولى تمت في المغرب عام 1994، بحضور لافت من الإسرائيليين والعرب، من سياسيين ورجال أعمال من الطرفين، وكانت صرخة إعلامية فاقعة، وباستثناء كسر القطيعة واللقاء والصور لصالح العدو الإسرائيلي، لم تحقق أي نتيجة لصالح الفلسطينيين ولا لأي طرف عربي، رغم تشكيل ما يسمى مجلس التعاون الاقتصادي .
2 – والقمة الثانية تمت في عمان 1995، ولم تكن أحسن حالاً من الأولى المغربية سوى الحرص على تقليص حجم النتائج وتخفيض الرهانات بسبب التهويل على نتائج القمة الأولى المحبطة لكل من راهن على نتائجها، مع العلم أن مؤتمري الاقتصاد الأول والثاني كانا في عهد اليسار الإسرائيلي بقيادة حزبي العمل وميرتس ، اللذان وقعا اتفاق أوسلو .
3 – القمة الاقتصادية الثالثة تمت بالقاهرة في عهد نتنياهو حينما تولى حكومة الليكود وهزم شمعون بيرس عام 1996، وتم تأسيس ما يُسمى البنك الإقليمي الذي لم يستقبل دولاراً ولم ينفذ برنامجاً واحداً .
4 – وكان خاتمة القمم الاقتصادية في الدوحة قطر عام 1997، بدون نتائج سوى تأكيد كسر القطيعة وممارسة التطبيع المجاني مع مؤسسات العدو الإسرائيلي، ولكنها أعطت درساً واحداً لكل الأطراف المشاركة : الولايات المتحدة، أوروبا، المستعمرة الإسرائيلية، فلسطين والعرب، وهو بدون تحقيق نتائج سياسية باتجاهين : أولاً تراجع العدو الإسرائيلي عن جزء من أطماعه التوسعية الإستعمارية والتوصل إلى تسوية وفق مبادرة السلام العربية التي تشكل الحد الأدنى المقبولة فلسطينياً وعربياً رغم ما تتضمنه من إجحاف بحق الشعب الفلسطيني ومساً بمصالحه الوطنية وهي الحد الأدنى المقبول لديه والمتمثل باستعادة جزءاً من حقوقه وفق مبادرة السلام العربية وهي دولة فلسطينية في حدود 4 حزيران 1967، ومعالجة قضية اللاجئين، بدون ذلك لا يمكن تحقيق نتائج اقتصادية على جبهة التعاون العربي الإسرائيلي، ونتائج وقرارات القمم العربية والإسلامية والدولية تدلل على ذلك، وبرهان على أن لا طرف يستطيع القفز عن الحقوق الفلسطينية مهما بلغ الهوان والضعف العربي والإسلامي ووصل إلى أدنى درجات الإنحطاط السياسي، والأكثر دلالة أن الأطراف العربية التي أعلنت موافقتها على المشاركة بالمنامة، أكدت أنها تتمسك بحق الشعب الفلسطيني بالدولة وعاصمتها القدس وحق اللاجئين في العودة وإستعادة ممتلكاتهم .
إذن مؤتمر المنامة الاقتصادي الذي دعت له الولايات المتحدة وتستضيفه البحرين، ليس جديداً بعد اجتماعات الدار البيضاء، وعمان، والقاهرة، والدوحة المماثلة، ولم تخترع واشنطن عجلة الحل لأول مرة، فقد سبق لها وأن دعت وعملت ورعت ووعدت ولكن بلا نتائج سياسية أو اقتصادية، بسبب عناد وتفوق العدو الإسرائيلي وتمسكه بكامل مشروعه الاستعماري التوسعي، وبسبب تمسك القيادة الفلسطينية بالحد الأدنى من حقوق شعبها رغم ضعفها وكل ما يُسجل عليها من ملاحظات جوهرية، وعدم قدرتها على التقاط الأولويات القائمة على الوحدة الوطنية على قاعدة الشراكة بين فتح وحماس وباقي المكونات الفلسطينية .