عمر شاهين يكتب : أموال الأردنيين ليست حراما (الباص السريع نموذجا)

بكل سهولة تعلن رئاسة الوزراء إيقاف (مشروع الباص السريع) حتى تستكمل الدراسة، وان المرحلتين التاليتين لم تحالا بعد، وستعيد الحكومة دراسة المشروع. هكذا تلقى المواطن الأردني الذي عانى الأمرين في شارع الملكة رانيا، وكأن المشروع حبل خنق كل من سار في ذلك الشارع الذي يعتبر احد أهم شرايين عمان .

إذا كان المشروع لم يحصل على الدراسة الوافية، فكيف تم البدء فيه؟ والى متى تزهق ملايين الشعب في مشاريع متسرعة، غير مدروسة، وكأنها تكلف دنانير وليس الملايين، حتى إن كانت منحة أو ليست من الميزانية، فنحن نتحدث عن بلد فقير، يعاني من 16 مليار دينار دين، وينتظر أي منحة لسد عجز أو البدء في مشروع يفيد المواطن، الذي يفتقد إلى بنية تحتية .

أتذكر الطالبة غادة التي تدرس التصميم في احدى كليات المجتمع عندما ناقشتني في بداية المشروع، وطلبت مني أن اكتب راجيا المسؤولين ألا يتم البدء في المشروع، لان العين قبل الخيرة الهندسية، ترفضه،هكذا كان رأي الطالبة في التصميم، والتي كانت رؤيتها ثاقبة أكثر من مهندسي الأمانة والحكومة.

ما دفع على المشروع  من مال ممكن أن يتم عبره شراء حافلات سريعة ومميزه، ومهما كان استعمال الحافلات العامة وضرورتها، لا يجوز على حساب خنق السيارات التكسي او  الخاصة التي يكثر استعمالها، في عمان، فالشارع في طبيعته ضيق، ويصعب على السيارات أن تسير دون معاناة للازمة وخاصة في فترة الذروة فكيف بعد أن تم اقتطاعه، ومن ثم كان من الواضح تقاطعات نفق الصحافة ودوار المدينة الرياضية وغيرها.

لا يوجد أسرع من مسئول  يبدأ بتنفيذ مشروع فاشل بينما تعاني عمان وغيرها من المدن الأردنية الكثير من النقص لمشاريع تدخل في صميم البنية التحتية ولم يتم تنفيذها منذ عشرات السنين، واضرب مثلا بسيطا معاناة المواطنين الذين ينتظرون الحافلات على دوار المدينة الرياضية وخاصة المتوجهين الى الزرقاء دون مظلة او موقف ، وكذلك شارع الموت الذي يصل بين الأزرق ومركز حدود جابر ومع ذلك لم تسرع الحكومة على تنفيذهما أو غيرهما بينما مشروع مثل هذا يرفضه العقل قبل التحليل الهندسي تسرع الأمانة إلى البدء فيه.

 

واليوم قد نجد فيما بعد إيقاف إلى الأبد تعلنه الحكومة ، ويتحول الجزء المشغول من المشروع إلى مسرب ثالث، بعد أن عانينا من الأزمة وضاعت الأموال على إتمامه، دون أن نسمع عن محاكمة لكل مهندس وافق عليه أو كيف تمت الدراسة المبدئية للمشروع ، من ناحية الكلفة أو جدواه، وأثره على باقي السيارات.

 عندما زرت القاهرة وركبت على سبيل السياحة المترو ، كنت أفكر لم تم هذا في عمان، وانه الحل الأمثل والوحيد الذي يوفر إضاعة الساعات الطويلة على المواطن الأردني، الذي يفقدها راكبا أو منتظرا للحافلة، وهو حل لو تم ولو على فترات فسيكون أفضل بألف مرة من تجارب فاشلة مثل مشروع الباص السريع.

الأردن يعاني من مشكلة في المواصلات، والحلول تضيع على مشاريع لا نفهم جدواها ففي الزرقاء نفذت جسور أسمنتية كلما سرت بجانبها لا اعرف سبب إنشائها، وكأنها نوع من التماثيل لا اقل ولا أكثر، بينما تعاني شوارع الزرقاء من تلف كبير في الخلطات الإسفلتية، وكان هذه المشاريع المتسرعة يقصد منها شبهات فساد وفي ظل حكومة سرعة التنقلات فان الحساب يضيع ، وعلى المواطن فقط أن يتلقى أخبار البدء ومن ثم الإيقاف ، وكل هذا من جيبه الخاص، أفلا يكفي هدر لأموالنا وإنها حلالا من ضرائبنا وليست حراما ...

Omar_shaheen78@yahoo.com