عاجل.. مطلوب “ترام” و”مترو” أنفاق لعمان
في العيد عانت عمانُ من أزمة سير خانقة، وهذا كان يحدث في رمضان وقبل ذلك، وتزايد الأمر مع بدء موسم الصيف وإجازات المغتربين، يضاف لهذا إغلاقات الشوارع بسبب "الباص السريع” الذي يتعرض لانتقادات كثيرة.
علينا أن نعترف أن عمان ما عادت مثل الماضي مدينة وادعة تنساب فيها الحركة بسهولة وهدوء، والمطلوب أن نقر أن أزمة نقل مستفحلة تتعاظم كل يوم تهدد هذه العاصمة، وأن أي حكومة، وأي أمين لعمان عليه أن يضع حلولاً للنقل، وما لم يفعل ذلك فهو يرتكب خطيئة وجريمة يجب مساءلته عليها، وكل يوم نتأخر في المباشرة في تنفيذ الحلول تصبح الأمور أكثر تعقيداً، وأكثر كلفة.
"الباص السريع” مشروع ريادي للنقل العام، وتعطله وتوقفه لسنوات كان خطأً كبيراً، وهو وحده لن يحل مشكلة النقل بعمان، ولكن يجب أن يرتبط بمنظومة تصورات وإجراءات تجعل استخدامه مجدياً وعاماً للناس، ويتجاوز استخدامه الطلبة والعمالة الوافدة رغم أهمية ذلك.
الباص السريع وحده لن يحل مشكلة الاكتظاظ بالسيارات وازدحامات الشوارع التي لم تُخصص لكل هذه السيارات حين شُيدت، وباعتقادي ما لم نباشر بوضع استراتيجية لتنفيذ "ترام” كهربائي يصل الى أحياء عمان دون ضجيج وتلوث بيئي فإن الحلول تظل قاصرة وغير مشجعة.
الـ "ترام” المطبق في كثير من عواصم العام منذ عقود عدا عن سهولة انسيابه وعدم حاجته لمساحات واسعة في الطرق، فهو منتظم ويستخدم نفس الطرق التي تمشي عليها السيارات مع قليل من التعديلات.
ليت أمين عمان ووزير النقل يذهبان الى المغرب لينظرا كيف غير الـ”ترام” معالم مدينة الرباط وكازابلانكا، وكيف أنعش التواصل والحركة داخلهما؟
نحتاج هذا المشروع وهو أولوية قصوى، ويمكن أن نطبق نظام "BOT” مثلما فعلنا في المطار، وممكن أن نفتح الأمر لشراكات بين "الضمان الاجتماعي” والبنوك، وحتى مساهمات الناس، فهو مشروع رابح ولن يخسر، ويشكل إضافة نوعية للأردن.
وحتى مشروع الـ”ترام” الكهربائي وحده لن يكفي، فالمستقبل لمدينة تتوسع وتنمو بشكل كبير يطلب وضع الأسس لتنفيذ مشروع "مترو الأنفاق”، فهذا الحل ربما تكون كلفته المادية أكثر، ولكنه لا يحتاج استملاكات، ولا يعطل حركة المرور فوق الأرض، وتبني مدناً تحت المدن، وتستطيع أن تصل الى أي مكان، وقد تبدأ بخط واحد كشريان ضروري، ثم تتوسع في الخطوط، وهذا ما طبقته الكثير من المدن، وما تزال كل عام تضيف خطوطاً حسب الحاجة والتوسع السكاني.
مثلما تملك الحكومات الجرأة في إقرار قوانين للضريبة، وفرض ضريبة مقطوعة، نتمنى عليها أن تفاجئ الأردنيين بمشروع استراتيجي للنقل العام، وتستطيع أن تتكئ على المؤسسات التمويلية، وتوجيه المنح والقروض لتحقيق هذا الهدف.
ليس معقولاً أن يكون خط حديد الحجاز موجوداً قبل قرون، والآن تفتقد الدولة الأردنية لقطار يربط مدنها وأواصرها ويوحدها.
تخيلوا لو كان لدينا قطار ينتقل من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب، ينقل أهل إربد لعمان في نصف ساعة، ويأخذ "العمانيين” الى بحر العقبة خلال ساعتين بشكل آمن مروراً بكل مدن الجنوب.
من حقنا وليس كرماً من الحكومة أن يكون لدينا شبكة طرق، ونقل عام آمنة حتى لا تُهدر أرواح الناس ويُراق دمهم على الإسفلت.
سيتذكر الناس بفخر رئيس الحكومة الذي سيطلق تنفيذ مشروع شبكة القطارات بين المدن، وسيحفظ التاريخ اسم أمين عمان الذي سيدشن الـ "ترام” الكهربائي، أو يبدأ بتنفيذ مشروع الأنفاق حتى وإن احتاج الأمر لوقت طويل.
أي حلول لأزمة السير لا تنجز مشاريع استراتيجية في النقل العام مؤقتة، وعابرة، و”ترقيعية”.