كل عام وانتم بخير




انه اليوم يوم عيد ... وكل عام وأنتم بخير.. وتقبل الله منا ومنكم... وأدام الله الفرح والسرور علينا وعليكم.
.......فلئن كان من حقنا أن نحزن على فوات رمضان، وتبكي قلوبنا دما لا دمعا على ذهابه بعد أن كان منذ لحظات بين أيدينا وملء أسماعنا وأبصارنا، وحديث منابرنا، وزينة منائرنا، ونور أيامنا، وحياة مساجدنا.
ولئن كان يحق لنا أن نبكي على انقضاء رمضان شهر الرحمة والغفران، شهر التوبة والرضوان..... نبكي شهرا اكتحلت فيه عيوننا بدموع المحبة والخوف والرجاء، وعزت جباهنا بالذل لرب الأرض والسماء.
نبكي على شهر القرب.. قرب الله من العباد وقرب العباد من الله.

كان يحق لنا أن نبكي على ذهاب شهر الجد والاجتهاد، بعد أن جعل القرآن حياتنا، والصلاة والوقوف بين يدي الله لذتنا ومتعتنا، وذكر الله غذاءنا.
أقول: لئن كان من حقنا أن نبكي على ذهاب شهر الصيام والقيام والعتق من النيران.. فإن من حقنا أيضا أن نفرح بمنة الله علينا، وفضل الله إلينا قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون
نفرح بنعمة الإسلام التي لولاها ما عرفنا الله، ولا عرفنا رسول الله، ولا عرفنا رمضان، ولا عرفنا القرآن.
نفرح بنعمة الإسلام الدين الذي اختاره الله لنا واختارنا الله له بعد أن اختاره الله لنفسه فلا يقبل من أحد دينا سواه..

من حقنا أيضا أن نفرح بإتمام الله النعمة علينا وإكمال شهر رمضان، فأحسن سبحانه إلينا بأن بلغنا هذا الشهر ثم أتم إكرامه فصمنا الشهر كاملا وقمنا الشهر كاملا ودعونا ورجوناه وأملنا خيره وبره وثوابه ونعماه.
ولماذا لا نفرح بهذا ......والنبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.
ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.
ومن احيا ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.
نسأل الله أن يجعلنا ممن صاموا وقاموا له إيمانا واحتسابا وأن يجعلنا من العتقاء من النار فبذلك فليفرحوا.

الأعياد من أخص شعائر الشرائع ومقومات الديانات وهي كالعنوان لها، وكالبيان لمضمونها.. وما من دين أرضي ولا سماوي إلا وله أيام أعياد.. ولكن شتان بين أعياد هذه الأديان وبين أعياد الإسلام.

العيد في الإسلام من تمام الشريعة، ومن كمال العبودية، فهو في الحقيقة يوم شكر لله تعالى، واعتراف له بالفضل على توفيقه لنا على عبادته:
فما أعظم النعمة وما أجمل الشكر لوليها ومسديها.
اليوم يعودنا عيد الفطر يأتي شكرا لله على إعانته لنا على صيام رمضان وقيامه وعلى تفضله بالعتق من النار.. فالعيد امتداد لحق العبودية، وليس خروجا منها ولا تفلتا عنها.
فرح وسرور
وأيام العيد عندنا أيام فرح وسرور، ومرح وحبور، وأكل وشرب، ولعب ولهو مباح، وترويح عن النفس والأهل والأولاد..

فأدخلوا السرور على أنفسكم وأهليكم، وأظهروا البشر والسعادة.. والعيد فرصة لبر الوالدين، ووصل أرحام قطعت بسبب مشاغل الحياة وهمومها، وزيادة محبة للإخوان وبالزيارات، وتوسعة على الفقراء فإياكم أن يفوتكم هذا الخير العظيم والفضل الكثير .
لقد انقضى رمضان. وربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر.....، وليس انقضاء رمضان معناه انتهاء العبادة ، فإذا كان رمضان قد مضى وزال فإن رب رمضان لا يزول ولا يحول. وإذا كان صوم الفريضة قد انتهى فإن صيام النوافل بابه لم يغلق بعد بل قد قال صلى الله عليه وسلم من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كقيام الدهر، وصوم النافلة بابه واسع.

وإذا كان قيام رمضان قد انتهى فإن قيام الليل لم ينته ولم ينقض، بل يبقى الأمر كما قال عليه الصلاة والسلام: وأفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل
إن انقضاء رمضان ليس معناه أن يعود الإنسان إلى سابق عهده قبله، وأن يرجع إلى سالف ذنبه.. بل إن من علامات القبول دوام الطاعة بعد زمان العبادة، وإن أعظم كرامة بعد رمضان دوام الاستقامة على ماكان فيه من أعمال.
أما النكوص والارتداد على الأعقاب بمجرد انتهاء أيام الخير فهو من علامات الرد وعدم القبول، وقد قال ابن رجب: فمن استغفر بلسانه وقلبه على المعصية معقود، وعزمه أن يرجع بعد الشهر إليها ويعود، فصومه مردود وباب القبول عليه مسدود.
فيا من أعتقه الله من النار إياك أن تعود إلى رق الأوزار
فإن امرء ينجو من النار بعدما ..... تزود من أعمالها لسعيد

بارك الله لنا ولكم في الأوقات، وتقبل من ومنكم صالح الطاعات، وغفر لنا ولكم كل الزلل والسيئات.. إنه خير مسؤول وأعظم مأمول.. وكل عام وأنتم بخير
pressziad@yhoo.com