القدس والقمة الإسلامية بين الحقيقة والخيال



انتهت قمة منظمة التعاون الاسلامي في مكة المكرمة بعد من القرارات والبنود التي تؤكد الحقوق العربية والاسلامية في القدس الشريف؛ وتضمنت بنودا تشيد بالدعم الذي تقدمه دول عربية لدعم المقدسيين وترميم مرافقه؛ واكدت الوصاية الهاشمية.
الكيان الاسرائيلي لم يعبأ بذلك كله فما ان انتهت القمة حتى اقتحم تجمع كبير من المستوطنين المسجد الاقصى بحماية من قوات الاحتلال ليعيثوا فسادا فيه؛ ولتندلع مواجهات محدودة هنا وهناك بين المصلين وحراس المسجد وقوات الاحتلال؛ سلوك يحمل هذه المرة نكهة التحدي والاستفزاز لا للمقدسيين والفلسطينيين بل لمليار ونصف مليار مسلم مثلهم زعماء 55 دولة مسلمة في قمة منظمة التعاون الاسلامي.
تحرك بات روتينا، غير ان التوقيت يحمل دلالات سياسية مهمة موجهة الى الدول العربي والاسلامية التي صاغت قرار وبنود البيان الختامي للقمة الاسلامية؛ دون آليات واجراءات عملية تحدد طريقة الدفاع عن المسجد والمقدسات فالدعم المالي المقدم لبعض المؤسسات الفلسطينية يقابله موجة تطبيع وعلاقات تجارية وشراء اسلحة من الكيان بل وتعاون استخباري وسياسي في السر والعلن يدفع الكيان الى الاستهتار بقرارات القمة وما يصدر عنها؛ فالكيان الاسرائيلي لا يعترف الا بالقوة اذ انها من تحدد السيادة على الارض فضلا عن الحقائق الخفية التي يتبجح فيها نتنياهو بين الحين والاخر؛ الحقيقة التي لن تغيرها الا قوة قاهرة تزيل الاحتلال وموقف صلب يقطع كل العلاقات التطبيعية والتحالفات الخفية التي تربط بعض النظم بالكيان الاسرائيلي.
ختاما.. الانتهاكات الاسرائيلية لباحات المسجد الاقصى ومصلياته لم تعد حدثا استثنائيا بل روتينا يوميا تشتد وتيرته بين الحين والاخر؛ إما لإرضاء اليمين الصهيوني المتطرف او لإيصال رسائل مفادها ان الكيان الاسرائيلي بات قادرا على تنفيذ اجندته بدون معوقات كبيرة من العالم العربي او الاسلامي المنشغل بصراعات بينية وثانوية؛ صراعات تعزز مكانة الكيان الاسرائيلي كمنقذ لبعض الدول العربية المنكبة على التطبيع والانفتاح على امل تعزيز مكانتها في البيت الابيض؛ وهي حقائق تتطلب تعديلات في الاستراتيجية الفلسطينية للمواجهة وعمليات تطوير نوعية تستطيع التعامل مع الحقائق المعلنة والاخرى الخفية، استراتيجية تستطيع ان تفرض ايقاعها على العالم الاسلامي.