بين النية والعمل والإنجاز


ضاعت كثير من الانجازات بين النية والعمل ؛ فمثلاً كانت النية دوماً لتشجيع الاستثمار لكن طريقة العمل لم تحقق انجازًا حقيقياً يذكر، وكانت النية لتحقيق تحول اقتصادي في هيكل الاقتصاد الاردني لكن التجربة لم تنضج ليكتمل التحول، وكات النية لخصخصة الاقتصاد لتحويله الى ما يشبه الشركة التي اساسها القطاع الخاص لكن النتائج كانت مخيبة للامال وعوائد الخصخة ذهبت لتسديد فوائد الديون لا الديون نفسها ، وكانت النية لوضع خطة لتحفيز الاقتصاد فلم تر تلك الخطة النور بعد وكانت خطةً ابعد ما تكون عن خطط التحفيز واقرب ما تكون الى اعادة ترميم وبناء القطاعات الاقتصادية التي تحتاج الى ربع قرن حتى تؤتي أكلها، وكانت هناك خطط بناء المناطق التنموية والصناعية وكانت النتيجة مدن اشباح في بعض حالاتها، وكانت هناك خطط تشجيع الصادرات واحلال الواردات فلا شجعنا التصدير ولا احللنا الواردات فكان هناك تشوهاً واضحا في الميزان التجاري يتطلب معه وجود احتياطيات ضخمة من الدولارات ، وكانت هناك فكرة الاقاليم والمناطق الخاصة فلا استطاعت احياء المناطق التي تعمل بها ولم تساهم بشكل كبير في الانتاج ، وكانت تجربة الحكومة الالكترونية التي طال الحديث عنها وتواضعت نتائجها، والامر يطول والامثلة كثيرة.
جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله وجه البنان وحدد الاتجاه الصحيح الذي يجب ان يكون عليه الاقتصاد المحلي لكن آليات التنفيذ الذي تبنتها الحكومات لم تنجح في الترجمة الحقيقية لما اراده جلالة الملك ، فالفكر الاقتصادي للملك عبدالله الثاني يتمحور نحو النمو والتنمية المتوازنة ، والتركيز على جذب الاستثمارات المتنوعة، وفتح قنوات التبادل التجاري بين دول العالم ، والريادة في الاعمال، والاستثمار في العقول، وتعميم قصص النجاح، وقياس الاداء باسلوب علمي حقيقي بعيدا عن العموميات في وصف الحال.
ان النوايا تترجم بالخطط ، والخطط موجودة لكننا لم ننجح في التنفيذ ووجهنا الجهود نحو افراز المزيد والمزيد منها التي بعضها وضع على الرفوف، وبعضها يمشي ببطء شديد، وبعضها نجهل كيفية البدء فيها لان الاهداف غير منطقية ولا يمكن تحقيقها ضمن الموارد المتاحة، وبعضها تنقصها المتابعة، وبعضها مربوط بالشخص عينه وتزول بذهابه، وتتعدد الاسباب والنتيجة واحدة .
وبين النية وآلية العمل والانجاز ضاعت البوصلة فتشتت وتعددت النوايا، وعجزت الادارات التنفيذية عن ترجمة تلك النوايا الى عمل حقيقي متواصل ، وكانت النتيجة إما انجاز متواضع أو حتى لا انجاز ؛ مؤثرةً بشكل سلبي على اداء غالبية المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية.