حوادث السير.. الأسباب الحقيقية!

6.16 % نسبة انخفاض وفیات حوادث السیر في الأردن في العام 2018 عن العام الذي سبقھ، وھي حسب التوالي 571 ،و685. ومع ذلك تبقى كلفة عالیة جدا ندفعھا نتیجة جملة من الأمور، والتي تحاول مؤسسات الدولة رمي مسؤولیتھا على سلوكیات السائقین والمشاة، بینما ھي في الحقیقة لا تتوقف عند العامل البشري، بل تتعداه نحو البنیة التحتیة للشوارع. التقریر السنوي للحوادث المروریة عن العام الماضي، یشیر إلى وقوع حادث مرور كل حوالي 50 دقیقة، وحادث دھس كل ساعتین ونصف الساعة، ووفاة ناتجة عن حادث كل 3.15 ساعة. فیما تبلغ الكلفة الاقتصایة التقدیریة للحوادث 313 ملیون دینار أردني. جملة من العوامل التي تسھم في بقاء حوادث السیر مرتفعة عندنا، وأولھا بلا شك ھو عدم وجود شبكة لائقة بالنقل العام في الأردن، لذلك یضطر الناس إلى اقتناء المركبات الخاصة، واستخدامھا في جمیع أعمالھم وتنقلاتھم، لیصل العدد الكلي للمركبات في الأردن الیوم إلى زھاء 6.1 ملیون مركبة. ھذا الأمر یرفع احتمالات حصول حوادث السیر، فكلما زاد عدد المركبات المستخدمة، زاد احتمال الحوادث. لذلك، فإن بناء شبكة لائقة من النقل العام، لا شك سیخفض من الحوادث، وأیضا سیخفف من الاختناقات المروریة التي تعاني منھا شوارع المدن الكبرى، A A A أفكار ومواقف خصوصا إذا استطعنا بناء ثقافة وسائل استخدام النقل العام في الرحلات الدوریات، مثل الذھاب إلى العمل والعودة منھ. الأمر الآخر الذي یؤثر في ارتفاع أعداد الحوادث المروریة ھو واقع البنیة التحتیة من شوارع وخدمات لھا، ویتمثل بشبكة كبیرة من الطرق داخل المدن، وتلك التي تربط المحافظات في ما بینھا، وھي بنیة متھالكة وتعزز احتمالات رفع نسبة الحوادث المروریة، وقد رأینا كیف أن طریقا، مثل الطریق الصحراوي الرابط بین العاصمة عمان ومحافظات الجنوب، خطف عشرات الأرواح خلال الأعوام القلیلة الماضیة بسبب رداءتھ وخطورتھ. ھذا السوء لیس حكرا على الطریق الصحراوي، فمدن الشمال والتي تعتبر مدنا سیاحیة بامتیاز، وفیھا مئات المواقع المسجلة، تشتمل ھي الأخرى على شبكة طرق ردیئة، وبعضھا خطیر جدا ویعزز فرضیات الحوادث الممیتة. إن شبكة الطرق الموجودة الیوم تحتاج خطة شاملة لإصلاحھا وتھیئتھا من جدید لتكون صالحة وآمنة للاستخدام، خصوصا أن كثیرا منھا لم تجر علیھ إصلاحات بنیویة منذ سبعینیات القرن الماضي، وكثیر منھا یفتقر إلى الشاخصات الإرشادیة المناسبة، فیما شوارع كثیرة مھمة وكثیرة الاستخدام تخلو من الإنارة والأطاریف، وتغیب فیھا الرؤیة والوضوح بین حدود الشارع والرصیف بسبب تآكلھا. نعم، ھناك سلوكیات سلبیة خاصة بالعمل البشري من سائقین ومشاة، وأیضا عوامل فنیة خاصة بصلاحیة المركبات، ولكن ھذه الأمور یمكن ضبطھا من خلال الردع القانوني. لكن تبقى البنیة التحتیة ھي الاساس إذا ما أردنا حقا تخفیض عدد حوادث السیر، وأن نضع حدا للاستنزاف البشري والاقتصادي.