تأهيل سياسي وإعلامي للوزراء والنواب

بعيدا عن التحفظات التي يبديها الشارع حول عمليات التوزير، وما يراه المتابعون حول مدى كفاءة من يتم اختيارهم كوزراء. هناك ثغرة أخرى أعتقد أنه لا بد من تغطيتها، لتتحول إلى برنامج عملي ينعكس إيجابا على مستوى الأداء. فسواء أكانت القضية تتعلق بكيفية التعامل مع الغير من خلال الموقع الرسمي، أو التعاطي مع الإعلام، أو على صعيد معرفة التفاصيل ووضع الخطط والمتابعة والتنفيذ، هناك إشكالية يدركها أبناء المؤسسة الرسمية الذين يكون لبعضهم دور في تجويد الأداء او إعاقته. وتمتد الحالة في كثير من الأحيان إلى مجالات أخرى من الخلل في مهارات تحتاج إلى قدر من التدريب، أو التأهيل، أو حتى توفير المعلومة التي تحكم العملية. فمن حيث المبدأ، ورغم القناعة باستشراء عملية توزير الأصدقاء والأقارب والمحاسيب، وما يتبع ذلك من تحفظات، فإن غياب الحياة الحزبية العميقة يؤطر عمليات التوزير ضمن دائرة المعارف. وبحيث يجد رئيس الوزراء نفسه محصورا بمن يعرف من الأشخاص أو بمن يتم تزكيتهم له. وتكون النتيجة لتلك الطريقة تراكم الإخفاق أو تدني مستوى الأداء في الكثير من المواقع، واستمرار تطبيقات عملية » التجربة والفشل». وفي الوقت نفسه شكوى دائمة من عقم عمليات التوزير، وبعدها اختيار الكفاءات للمواقع الادارية والقيادية الاخرى. لا أتحدث عن حكومة بعينها، ولا عن تعديل وزاري واحد، ولا عن تعيينات لمواقع ادارية متقدمة.. ولكن عن نهج يكاد يكون واحدا في خطوطه العريضة منذ عقود طويلة. وعن إحساس بإخفاقات تتكرر في الكثير من الأحيان. بالطبع لا يمكن تعميم تلك الحالة في كافة المواقع الوزارية أو القيادية، فهناك حالات اختيار تكون موفقة، لكن الإشكالية التي نواجهها أن مثل تلك الكفاءات قد لا تأخذ وقتها الكافي لتنفيذ برنامجها، أو حتى لا تحصل على فرصتها لرسم برنامج عملها. ومع الاختلاف الأساسي في طريقة الوصول إلى المواقع بين السلطتين، التشريعية والتنفيذية، إلا أن النواب قد يواجهون نفس الاشكالية. فهم مجرد اشخاص قياديين في المجتمع يختارهم الناس لتمثيلهم في البرلمان. وبالتالي فهم يكونون بحاجة إلى قدر من التأهيل في المجالات التي تخدم مواقعهم الدستورية. هنا تبرز الحاجة إلى ترسيخ تقليد سياسي، يتمثل بإخضاع كل من يدخل المجال السياسي إلى دورة تأهيلية، يطلع من خلالها على مختلف أساسيات العمل العام. فالمسؤول يحتاج إلى تعمق في الدستور الأردني. واطلاع على منظومة القوانين، ومعرفة الضوابط التي تحكم العمل العام، وأساليب التعاطي مع وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي. وقبل ذلك كله هناك ضرورة ماسة للتعاطي مع ثوابت الدولة الأردنية وفي التعبير عنها.وقد يكون من الأفضل أن تناط تلك المهمة بكلية القيادة والاركان التي تملك من الكفاءات والمتطلبات ما يمكنها من تنفيذ المهمة التأهيلية بأسرع وقت.