الخليجيون وتجدد الغزل للاردن والمغرب

اخبار البلد _ بعد صمت طال لعدة أشهر، اعلن السيد عبد اللطيف الزياني امين عام مجلس التعاون الخليجي عن عقد اجتماع لوزراء خارجية المجلس يوم الاحد المقبل في مدينة جدة الساحلية في المملكة العربية السعودية.
العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز اقترح قبل بضعة اشهر، وفي ذروة الثورات العربية المطالبة بالتغيير الديمقراطي انضمام كل من الاردن والمغرب الى عضوية المجلس مما جرى فهمه ضمناً بان هناك نية لتحويله الى ناد للملكيات العربية.
الاقتراح اثار العديد من علامات الاستفهام ليس فقط من حيث توقيت طرحه، وانما من كون معظم الدول الخليجية الاخرى فوجئت به مثلما هو حال الدولتين المدعوتين للانضمام وهما الاردن والمملكة المغربية.
ربما كان مفهوماً ان يتم توجيه الدعوة الى الاردن للفوز بعضوية نادي الاثرياء الخليجيين، نظراً للاعتبارات الجغرافية ووجود حدود له مع المملكة العربية السعودية، وانتماء عاهله الى منطقة الحجاز، ولكن ما هو غير مفهوم، ومحير في الوقت نفسه، هو دعوة المغرب التي تبعد آلاف الكيلوميترات عن اقرب دولة عضو في مجلس التعاون.
الاردنيون رحبوا بهذه الخطوة التي حلم البعض منهم بها منذ عقود، لان الانضمام الى مجلس التعاون حيث يوجد اكثر من ثلث احتياطات النفط في العالم تقريباً يعني قفزة اقتصادية نوعية تؤدي الى فتح اسواق العمل وتحسين ظروف المعيشة. ولكن المغاربة لم يتحمسوا كثيراً لهذا العرض المغري بل ان بعضهم عارضه بقوة مؤكداً انتماء المغرب الى محيطه الجغرافي المغاربي.
ولا بد ان اليمنيين الذين يعتبرون انفسهم احق من غيرهم في الانضمام للمجلس بحكم العامل الجغرافي ايضاً، وحصولهم منذ سنوات على 'ربع' عضوية تتيح لهم المشاركة في مسابقات الخليج الكروية السنوية، لا بد ان هؤلاء سيشعرون بالغضب والدونية تجاه اشقائهم في الخليج، وسينظرون اليهم نظرة تنطوي على اتهامات بالعنصرية خاصة من قبل بعض المتطرفين.
من الواضح ان عملية الاستقطاب الطائفي التي تجتاح المنطقة العربية بشكل عام، والخليج العربي بشكل خاص لعبت دوراً كبيراً في فكرة توسيع مجلس التعاون الخليجي وضم دولتين سنيتين ملكيتين اليه، لا يوجد فيهما مواطنون يعتنقون مذاهب شيعية لان دول المجلس التي بدأت تقتنع بانها خسرت مصر وغير واثقة من كسب سورية، وتخشى النهوض الايراني الفارسي الشيعي، اصبحت تبحث عن خزان بشري سني ووجدت ضالتها في المغرب والاردن.
خسارة العراق، وسقوط هذا البلد القومي العلماني في دائرة النفوذ الايراني بفضل الغباءين الامريكي والخليجي العربي، لعبت ايضاً دوراً كبيراً في هذا التحول، ودفعت باتجاه الالتفات الى البلدين المذكورين.
ما يمكن استنتاجه هو وجود حالة من الارتباك في صفوف الدول الخليجية بقيادة المملكة العربية السعودية تجاه عملية التغيير السياسي التي تشهدها المنطقة حيث بدأت تبرز ثلاث قوى اقليمية عظمى هي ايران وتركيا واسرائيل، ليست من بينها اي قوة عربية. مضافاً الى ذلك ظهور بوادر ضعف في الحليف الامريكي الاستراتيجي بفضل هزائمه في العراق وافغانستان وتدخله غير مضمون النتائج حتى الآن في ليبيا، وعجزه عن ايجاد حل للصراع العربي الصهيوني المصدر الرئيسي للصراع في المنطقة.
عقد اجتماع وزراء مجلس التعاون في جدة يوم الاحد حيث انطلقت فكرة توسيع المجلس يعني ان العاهل السعودي الاب الروحي لها يريد احياءها مجدداً، واعادة الحياة اليها، واقناع بعض الدول المترددة في قبولها مثل الامارات وقطر بتغيير موقفها هذا والانضمام الى وجهة النظر السعودية في هذا الاطار.
العاهل السعودي قدم للاردن مليار دولار لمساعدته على تجاوز ازمته الاقتصادية الطاحنة جزئياً على الاقل، ولكن ما زال من غير المعروف ما هي المكافأة الاخرى التالية، فالاردنيون ينتظرون فتح اسواق العمل واعفاءات من نظام الكفالة الى جانب فتح الاسواق لبضائعهم وصادراتهم الصناعية والزراعية.
الامر المؤكد ان هناك قرارا بمنع وصول التغيير الديمقراطي الى الملكيات، والخليجية منها بالذات، ومحاولة تشجيع هذا التغيير في الملكيات الجمهورية الطارئة والمتطفلة، وتوسيع مجلس التعاون قد يكون خطوة رئيسية في هذا التوجه.