!عقل الدولة

 خلال 42 عاماً من العمل الصحفي في مؤسسات صحفیة أردنیة وعربیة، وتعاملي مع زملاء مھنة من جنسیات عدیدة، كنت أنطلق من قناعة بأن في الدولة الأردنیة شیئاً یسمى «عقل الدولة»، عنوانھ ضبط الإیقاع العام للعمل السیاسي والإداري والخدمي في مختلف المؤسسات. وفي الوقت نفسھ فھو بمثابة المرجعیة للمواطن یعود إلیھا في حكمھ .على كل الأمور بما في ذلك ممارساتھ وما یجوز فعلھ وما لا یجوز وعلى وجھ الدقة، فإن «عقل الدولة» لیس شخصاً عادیاً، وإنما نظاماً أو أسلوباً أشبھ بنظام الحوكمة یتم الرجوع إلیھ في كل القرارات والإجراءات كبیرھا وصغیرھا. وضمن إطار «یجوز أو لا یجوز»، و» عیب ولیس عیباً»، ّ و«مبرر . ّ وغیر مبرر»... إلى غیر ذلك من قواعد وكنت أجد في قراءاتي للأمور ما یعزز تلك القناعة، وأرى ربطاً منطقیاً بین الكثیر من القرارات، وبما یمكنني من الرد على الكثیر من الملاحظات وعلى الشكاوى، بأن نجاح الدولة الأردنیة سببھ سیاسة التوازن التي تعتمدھا ومھارة .عقل الدولة في رسم تلك السیاسة ومتابعة تطبیقھا وكنت ألاحظ الاستحسان لذلك من قبل الكثیر من الزملاء والأصدقاء العرب الذین یرون في ذلك میزة یتمنون أن .یجدوھا في دولھم عقل الدولة الذي كنت أتحدث عنھ، وأحس بھ وألمسھ في تفاصیل كل قرار تحول مع مرور الأیام إلى إحساس عام، وإلى حالة اطمئنان رسمیة وشعبیة، مفادھا وجود من یضبط الإیقاع ومن یرسم السیاسات العمیقة للدولة باحترافیة، .ومن ینفذھا بمھارة عالیة وزیادة في الثقة، ھناك إحساس عام بالقدرة على تصویب أي خطأ یمكن أن یحدث، من خلال الھوامش المتاحة التي .نجحت مھارة «عقل الدولة» في وضعھا تحت مسمیات حسن النوایا وفي المحصلة كانت ھناك قناعة بأن تلك المیزة التي نكاد ننفرد بھا عن غیرنا من الدول، كانت السبب في تجاوز .الكثیر من الأزمات على مر التاریخ الأردني. وأنھا ھي التي أسست لحالة من التلاحم الفرید الذي یصعب اختراقھ طباعة مع التعلیقات طباعة أحمد حمد الحسبان الآن، لا أصدر حكماً.. لكنني أتساءل: ھل ما زال «عقل الدولة» قائماً؟ مبررات السؤال كثیرة وقد لا یتسع المجال لإیرادھا، ففي كل لحظة نتوقف عند ممارسات وإجراءات تتقاطع مع ھذا .المفھوم وللأسف الشدید تلتقي الحكومات مع المواطنین في الجرأة على «عقل الدولة».. ففي الشارع والمنزل والبقالة والمطعم .والوزارة والمؤسسة ھناك ممارسات تعزز تلك الفرضیة !فإلى متى؟ .. Ahmad.h.alhusban@gmail.com