التلازم الأردني الفلسطيني

التلازم الأردني الفلسطيني
حمادة فراعنة
في يوم 17 أيار 2019، توافد أكثر من مئتي الف مصل إلى ردهات وساحات المسجد الأقصى المترامية، لتأدية صلاة الجمعة الثانية من رمضان، من أهالي القدس، والضفة الفلسطينية، ومناطق الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، مع حرمان أهالي قطاع غزة بالكامل من الوصول إلى القدس، وكذلك شباب الضفة الذي تقل أعمارهم عن الأربعين عاماً .
حشد المصلين البارز له دوافع دينية لتأدية الواجب، ودوافع وطنية فرضها جوهر الصراع المحتدم بأدوات وأشكال مختلفة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، على القدس أولاً وعلى فلسطين وامتداداتها وخارطتها كوطن وقضية ومستقبل ثانياً، فإذا نجح العدو الإسرائيلي بفعل التواطؤ المتفوق بين الصهيونية والغرب الاستعماري البريطاني الفرنسي في وقت مبكر، والأميركي اللاحق بشكل لافت، فالحضور الفلسطيني ونهوضه الوطني يستهدف تحقيق خطوات تراكمية ملموسة في مواجهة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي وبرامجه وخططه نحو القدس بشكل عام والمسجد الأقصى بشكل خاص، وخطبة جمعة الأقصى لم تكن مجرد دعوة دينية واجبة مقتصرة، بل تعدت ذلك إلى وجوب التوصل إلى الوحدة الوطنية بين مكونات الشعب الفلسطيني الكفاحية، بين الضفة والقطاع، بهدف التصدي لخطط وبرامج العدو الإسرائيلي المدعوم من الإدارة الأميركية بشأن القدس ومجمل العناوين الفلسطينية، والعمل على إحباطها وهزيمتها بعوامل : 1- الصمود ، و2 - الوحدة ، 3- والروافع العربية والإسلامية والمسيحية الداعمة، كما قال خطيب الأقصى الشيخ اسماعيل نواهضة، كدلالة على ترابط الديني مع الوطني لإيجاد الحوافز المتمكنة من تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني .
إذن لم تكن مجرد خطبة خالية من الدعوات والقيم المتداخلة الدينية والوطنية لمواجهة العدو الاحتلالي الاستعماري الذي يتمدد ويلتهم الأرض ويعزز من الاستيطان والمستعمرات ويعمل على توسيعها وجلب المهاجرين الأجانب لا سكانها .
وفي الوقت الذي يحتشد أكثر من مئتي الف مصل في المسجد الأقصى، تستجيب عمان لنداءات الاقصى ورجاله ومناضليه والقائمين على حمايته ورعايته وهي الأقرب إلى القدس وذلك عبر احتفال مهيب يليق بما تطلبه القدس وتحتاج إليه، دينياً ووطنياً، فقد انعقد بنفس اليوم وبنفس التوقيت المجلس العلمي الهاشمي الثاني والتسعين، بمبادرة من وزارة الأوقاف ووزيرها عبد الناصر أبو البصل تحت عنوان « الخليفة عمر بن الخطاب» ، فكراً وسلوكاً وأداء وعدلاً من قبل الباحث السوري د . محمد شاكر النابلسي، وعن العهدة العمرية وقيم التعايش المشترك الإسلامي المسيحي كما تحدث الشيخ د . ناجح بكيرات نائب مدير أوقاف القدس، فجمعا بين الديني والوطني في مواجهة العدو الوطني والقومي المشترك: العدو الإسرائيلي، مثلما تحدثا عن التحديات التي تواجه القدس وفلسطين ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، والروافع المتوفرة وفي طليعتها الوصاية الهاشمية والرعاية الأردنية، والمطلوب عربياً وإسلامياً ومسيحياً.
قيمة المجلس العلمي الهاشمي، أنه تناول القدس، بحضور لافت من قبل رأس الدولة جلالة الملك، ورؤساء السلطات الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية، إضافة إلى قادة الأجهزة المختلفة، مما يدلل أن ما تسعى له عمان وطنياً وقومياً نحو فسطين وما تكنه وتحمله من مشاعر وتوجهات وسياسات وقلق من جهة، ورغبة وقرار في مواصلة الانحياز لخيار دعم صمود الشعب الفلسطيني على أرضه، وإسناد نضاله في مواجهة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، وتقديم الرافعة بل والروافع له لاستعادة حقوقه على أرضه وخاصة حقه في الاستقلال والدولة وفق القرار 181، والحق في العودة وفق القرار 194، من جهة أخرى.
h.faraneh@yahoo.com