الانتصار الفلسطيني

الانتصار الفلسطيني
حمادة فراعنة
على الرغم من ظروف الانقسام السياسي الفلسطيني لأسباب حزبية أنانية ضيقة، تفتقد لأبسط معايير الحس بالمسؤولية لدى طرفي الانقسام والانفصال، بين قيادتي فتح وحماس، في مواجهة العدو الوطني والقومي المتفوق،

وكلاهما يتعامل مع الاحتلال بواقعية، ولكنهما يتعاملان مع بعضهما البعض بحدة وقسوة، رغم ضجيج الكلمات وادعاءات التفوق الوطني على بعضهما البعض، فكلاهما أسير ضعفه، وأسير وظيفته ووظائفه، وإن كانا سياسياً يصطدمان مع مشروع الاحتلال الذي يوظفهما لصالح الأمن والهدوء والتهدئة، بمفردات تضليلية، أفقدت النهج الكفاحي مضمونه وحقيقته وأولوياته .
رغم ذلك، الذي يُوحد الشعب الفلسطيني هويته الوطنية، وقوميته العربية، ورغبته الجامحة بالحرية والاستقلال، ورغبة اللاجئين بالعودة، إضافة إلى ذلك الذي يفرض الوحدة على الشعب الفلسطيني الوحدة في المعاناة من طرف واحد متفوق هو المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي : 1 – الاحتلال بإدارته العسكرية الفاشية في مناطق الاحتلال الثانية عام 1967، في الضفة والقدس واقطاع، 2 – وقوانينه العنصرية والتهميش والتمييز ضد المواطنين العرب الفلسطينيين في مناطق 48 أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، الوحدة في الوجع من طرف واحد، بأدوات عسكرية وإدارية وقوانين استثنائية، تفرض سلطة الاحتلال في مناطق 67، وسلطة التمييز والعنصرية في مناطق 48، الوحدة في التشرد والحرمان واللجوء لفلسطينيي المخيمات خارج وطنهم .
ما تفعله سلطة التهميش والتمييز العنصري ضد قرية العراقيب في النقب، نقب الأسطورة والصمود وبداوة التاريخ والاستعادة الفلسطينية للهوية وللمستقبل، هو التجسيد العملي والنقيض الفادح بين الهدم والبناء، بين الرغبة في القتل والتغييب، وبين الرغبة في الحياة على أساس العدالة والشراكة والمساواة على أرض الوطن الذي لا يملكون غيره، هو الصراع بين المشروعين : المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني في مواجهة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، هو الصراع الذي يجعل الشيخ صياح ابن العراقيب وقائدها في السجن، بينما نتنياهو المتورط بالرشوة وسوء الأمانة والفساد طليقٌ يتم انتخابه بتفوق من مجتمع مريض وارث لكل سلوك الاستعمار وأدواته لقهر الأخر وتوجيه ضربات الوجع له .
قرية الخان الأحمر الفلسطينية شرق القدس مثلها مثل قرية العراقيب البدوية الفلسطينية، على جدول أعمال نتنياهو، ولكنها محمية بالتضامن ومراقبة السفراء الأوروبيين الزائرين، وطالما هي عقبة أمام التوسع الاستعماري مع مشروع ما يسمى A.1. ومد القدس نحو مستعمرة معاليه أدوميم التي تحولت إلى مدينة كبيرة ومدها نحو الغور بهدف تقسيم الضفة الفلسطينية إلى ضفتين شمالية وجنوبية غير متصلة مع بعضها على طريقة العلاقة ما بين الضفة والقطاع، مقطوعة غير متصلة، ولذلك سيخوض الفلسطينيون أهالي الخان الأحمر معركة أهالي العراقيب، الأشكال والأدوات والوسائل والجغرافيا مختلفة، ولكن الجوهر واحد، العدو واحد، الهدف واحد، وهو إستكمال خطوات المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، وهو ما يُوحد الفلسطينيين، بعد عجز قياداتهم في المبادرة نحو الوحدة.
ما قالته القوى السياسية في مناطق 48، وما تبنته من شعار سبق وأن أطلقه القائد الفلسطيني محمد بركة «يوم استقلالكم يوم نكبتنا « شعار حي عملي واقعي، مضمونه ليس تأبيناً لتاريخ ولواقع أو يأساً من المستقبل، بل هو وصف تحليلي مختصر، لجعل الواقع هو الحافز، هو المقدمة لتبديل الشعار السائد كي تكون هزيمتهم وفشلهم بالرهان على قوتهم، هو بداية النهوض الوطني لمكونات الشعب بأضلاعه الثلاثة : 1 – فلسطينيو مناطق 48، 2 – وفلسطينيو مناطق 67، 3 – مع فلسطينيي اللجوء والشتات، كل بطريقته وظروفه وأدواته لتصب في مجرى واحد هو انتصار المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني على أرضه، انتصار يوفر للشعبين على الأرض الواحدة حق الحياة والكرامة والشراكة على أساس المساواة والتكافؤ والندية، بعد أن فشل كل منهما إنهاء الآخر ورميه خارج الجغرافيا وخارج الحياة .
h.faraneh@yahoo.com