عوض الله في ويكيلكس...سلامه الدرعاوي
احدى وثائق ويكيلكس الخاصة بالاردن والتي جرى نشرها الاسبوع الماضي كانت معنية برئيس الديوان والوزير السابق د. باسم عوض الله, حيث اشارت الى تعرضه الى حملة انتقادات واسعة النطاق في المجتمع لاسباب مختلفة لعل ابرزها هو وقوف تيار ضد افكار الرجل الاصلاحية بوصفه هو من ذلك التيار, لا بل وصفه التقرير بان الاصلاح الاقتصادي تعرض لنكسة بسبب تلك الحملة.
في الحقيقة ان التقرير المعد من قبل طاقم السفارة وليس نقلا عن ما دار من حديث بين عوض الله والمسؤولين الامريكيين هو بالاساس يستقي معلوماته من جهة واحدة مقربة من الوزير السابق ان لم يكن هو بذاته من تحدث عن نفسه بتلك الاوصاف الاصلاحية بحكم علاقاته النوعية بطاقم السفارة حينها.
الانتقادات التي وجهت لعوض الله لم تكن بسبب مواقفه الاصلاحية او نظرته التنموية او لاسباب اقليمية كما يدعي البعض او كما يقترب من ذلك تقرير ويكيلكس وانما جاءت الانتقادات للفشل الذريع للسياسات التي اشرف على تنفيذها عوض الله بذاته.
الكل يعرف ان برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي الذي انفق 356 مليون دينار كان يديره عوض الله وهو وزير في التخطيط, والجميع يعلم ان نتائج تقييم البرنامج كانت دون المستوى بكثير مما اضاع موارد الدولة في اوجه انفاق غير صحيحة من الناحية التنموية.
الجميع يعلم ان الوزير عوض الله هو صاحب صفقة نادي باريس وان كان خارج الحكومة, حينها التقى الصحافيين في الديوان الملكي وشرح لهم باسهاب ايجابيات تلك الصفقة التي دفع الاردن ثمنا باهظا لها بعد ان دفع كل عوائد التخاصية (1.6 مليار دينار) لشراء جزء يسير من ديون نادي باريس ليكتشف الاردنيون بعد شهور قليلة ان الدين العام تضاعف بشكل خطير مما اثار تساؤلات حول الاسباب التي دفعت الجهات الرسمية الى القيام بتلك الصفقة التي اضاعت اموال الاجيال في امر لم يعد بالنفع على الاردن.
عوض الله كان المحرك الرئيسي لصفقات الخصخصة من كافة المواقع, وكان واضحا انه يدفع باتجاه الاسراع في البرنامج بغض النظر عن الاسعار المقدمة للشراء.
عوض الله عندما كان وزيرا للمالية انفق ثلثي الموازنة العامة في ثلاثة شهور وبشكل مخالف لقانون الموازنة ذاته والكل يتذكر المبالغة في تقديرات المنح التي وضعها في موازنة 2005 والبالغة حينها 1.06 مليار دينار علما انه لم يصل سوى 40 مليون دينار فقط, ولا احد ينسى كيف استقال من الحكومة فور اكتشاف تلك الفضيحة.
كان عوض الله المحرك الرئيسي لتفتيت جسم الدولة الاداري من خلال الدفع بقوة الى تأسيس هيئات ومؤسسات مستقلة تتجاوز الوزارات والمؤسسات الاصيلة في الدولة وهو ما رتب على الدولة انفاقا غير مسبوق وعجزا مزمنا في الميزانية.
عوض الله كان احد الاسباب الرئيسية لاجهاض الاجندة الوطنية من الناحية العملية عندما رأى ان تلك الاجندة ستقرب من يقوم عليها من مركز صنع القرار, لذلك تحولت علاقته التحالفية مع بعض المسؤولين الى عداء شخصي..
لا شك ان هناك اسبابا كثيرة لا تنتهي حول الدافع وراء نقد الوزير عوض الله, فالامور تقاس بنتائجها, وجميع المؤشرات تدلل بوضوح على فشل سياساته الاقتصادية علما انه كان يسوق نفسه باعتباره صاحب نظرية او تيار اقتصادي والحقيقة بعيدة عن ذلك.