الإسلاميون يرفضون زيارة البخيت لمقرهم .

 تامر الصمادي-محاولات حثيثة يبذلها رئيس الوزراء معروف البخيت وطاقمه الوزاري منذ أيام، لترتيب لقاء مع قيادة الحركة الإسلامية، التي لم تتجاوب مع المساعي الرسمية.
المعلومات أكدت أن البخيت طلب من الإسلاميين عبر الهاتف زيارة مقر حزب جبهة العمل الإسلامي بالعبدلي، إلا أن قيادة الحزب اعتذرت عن استضافته، مبررة قرارها "باعتباره رئيساً لحكومة تطالب الحركة برحيلها".
ورفض مصدر حكومي التعليق على خطوة الإسلاميين "المفاجئة" للدولة بحسب مراقبين، نافياً وجود مساعٍ رسمية للتواصل مع قياداتهم.
ووفقاً للمراقبين؛ فإن حكومة البخيت تسعى إلى رأب الصدع بينها وبين جماعة الإخوان المسلمين، أملاً في أن تنال التعديلات الدستورية المقترحة مباركة "العمل الإسلامي" ذراع الجماعة السياسي وأكبر أحزاب المعارضة.
ويرفض الإخوان الدخول في حوارات "غير مجدية" مع الحكومة، في حين تبدي بعض قياداتهم موافقتها فقط على حوار القصر، بعد أن ارتفعت مطالب الشارع على وقع انتفاضات "الربيع العربي" التي تشهدها دول عدة.
لكن مصادر مقربة من دوائر صنع القرار أكدت لـ"السبيل" أن تياراً متنفذاً داخل الدولة يسعى للتحريض على الجماعة أمام الملك عبدالله الثاني، ووصف قادتها بالانقلابيين.
ونقلت المصادر عن شخصية كبيرة في الدولة قولها أمام عدد من السياسيين مؤخراً، إنها ترفض اعتبار الإخوان شريكاً للنظام في العملية السياسية القادمة، معتبرة أنه "لا يجوز منح الإخوان أكبر من حجمهم".
بالمقابل؛ اعتبر سياسيون أن على البخيت "الاستماتة" لكسب ود الإسلاميين، ومنح التعديلات المرتقبة الشرعية اللازمة.
وكانت الحركة الإسلامية أعلنت قبيل عيد الفطر رفضها الاستباقي للإصلاحات السياسية التي باركها الملك، وطالت نصوصاً في الدستور لم تخضع للتعديل منذ العام 1952.
التسريبات من داخل الدوائر الضيقة؛ أكدت أن رفض الحركة المتكرر للتعديلات، تسبب بإرباك مؤسسة القرار، وأبقى فتيل الأزمة مشتعلاً في الشارع الذي يشهد منذ كانون الثاني الماضي احتجاجات شعبية تطالب بالإصلاح ومحاربة الفساد.
في هذه الأثناء؛ عقد مركز الدراسات الإستراتيجية بالجامعة الأردنية الثلاثاء، جلسة مغلقة ضمّت شخصيات سياسية وقيادات إسلامية؛ لقراءة موقف الإخوان من الإصلاحات التي تبنّتها الدولة.
ونقلت مصادر من داخل اللقاء عن الإسلاميين رفضهم "للمنهج الانقلابي على الحكم"، وتأكيدهم أن النظام الملكي لا يمثل نقطة اختلاف فيما بينهم.
كما نقلت المصادر التي فضلت عدم الإشارة إليها؛ تمسّك الإسلاميين بإصلاح بُنْية النظام، وأن يكون الشعب مصدراً للسلطات.
واعتبر ممثلو الإخوان في اللقاء المذكور، أن أي إصلاح دستوري "لا بد أن يؤدي إلى أغلبية برلمانية تشكل الحكومة، وأن لا يكون لأحد الحق في حل مجلس النواب، وأن يشكل مجلس الأعيان وفق صيغة توافقية، وأن تكون الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة ملكاً للشعب".
ورأى هؤلاء أن شرعية مؤسسات الدولة "مهزوزة أخلاقياً، نتيجة استشراء الفساد بداخلها".
وشخّص أحد قيادات الحركة الأزمة بين الإخوان والدولة بما أسماه عناد المسؤولين وتجاهلهم للقوى الوطنية والحزبية. وقالت تلك الشخصية إن "السقف الذي تتبناه الحركة الإسلامية لا يزال منخفضاً إذا ما قورن بسقوف المحافظات".
وأضاف أن الإسلاميين "لا يريدون الانجرار إلى تبني  شعارات إصلاحية أكثر حدة".
ولم تحسم الحركة الإسلامية موقفها من المشاركة في العملية السياسية القادمة، بحسب ما طرح ممثلوها في اللقاء.  
وقالوا إن ربط مشاركتهم السياسية بالصورة النهائية للتعديلات الدستورية "يعبّر عن توجّه لم يتم اعتماده بعد من قبل مؤسسات الحركة الشورية".
وبرأي الكاتب والمحلل السياسي الدكتور محمد أبو رمان؛ فإن فجوة الثقة بين الدولة والإخوان "تعد المشكلة الأبرز في العلاقة بين الطرفين".
وقال لـ"السبيل" إن "هنالك أخطاء فادحة في قراءة الدولة لرؤية الإسلاميين ومواقفهم، كما أن الملف الأمني لا يزال مهيمناً على التعامل معهم".
وحول مآلات العلاقة بين "العمل الإسلامي" ودوائر القرار؛ أكد أبو رمان أنه يصعب التنبؤ بمصيرها حالياً، معتبراً أن رفع منسوب الثقة بين الطرفين لم ينجح بعد.
أما الكاتب والمحلل السياسي الدكتور موسى برهومة؛ فيرى أن الدولة "تسعى لإسقاط الإخوان شعبياً، والتعامل معهم كممر عبور لتحقيق الانتصارات السياسية، ومباركة تعديلاتها الدستورية".
وقال لـ"السبيل": "الدولة مقتنعة تماماً أن أي عملية سياسية بمنأى عن الكتلة الإسلامية فاقدة للشرعية"، معتبراً أن على البخيت تقديم اعتذار صريح للحركة الإسلامية التي أساء إليها في محطات سابقة.
وترى الحركة أن التعديلات الحكومية على الدستور "لا تلبي طموحات ومطالب الشارع".
وشملت التعديلات 42 مادة، وفّرت حصانة للبرلمان من الحل، وإنشاء محكمة دستورية، وهيئة مستقلة للانتخابات، كما قلصت صلاحيات محكمة أمن الدولة.
وفي حين يرى متابعون أن استياء الدولة من الإخوان؛ يشي بتوتر وقطيعة سيكون لها ما بعدها بين الطرفين، يؤكد آخرون أن إنهاء حالة الاحتقان تكمن في تحقيق ما يتحدث عنه المسؤولون من إصلاحات، حتى لو تعارضت مع رؤية الإسلاميين وسقوف مطالبهم.