الجزائر والسودان.. والأردن!!

ما يبعث على الإطمئنان بأن «الربيع العربي» قد غير اتجاهاته وإن عكس ما جرى وما يجري في ليبيا هو أن الجزائر لا تزال، ونسأل الله أن تبقى، تحافظ على توازنها وبدون أي إراقة دماء وهو أن السودان الذي اختطفه عمر البشير بإسناد من «الإخوان» وحسن عبدالله الترابي، رحمه الله، لثلاثين عاماً قد تجاوز «المحنة» بكل هدوء وهذه إيجابية تاريخية تحسب أولاً للجيش السوداني وبعض جنرالاته وللرجل العظيم الصادق المهدي والعديد من شركائه من الأحزاب السياسية ثم وقبل هؤلاء جميعاً شعب السودان الذي كان بلغ نضوجه السياسي في فترة مبكرة جداًّ وأنشأ أحزابه في نهايات أربعينيات القرن الماضي.

لقد حاول البشير ومعه من تحالف معه من بعض ضباط الجيش وباقي من لم يبتعد عنه وعن مسيرته البائسة من جماعة حسن عبدالله الترابي والإخوان المسلمين (السودانيين)، أخذ هذا البلد العظيم إلى «محرقة» فعلية وحيث نقل عنه أنه قال إنه على استعداد للتضحية بثلث أبناء السودان من أجل «الإحتفاظ» بالباقي وبالطبع فإن هذه نزعة إنتحارية كانت متأصلة في العقيد معمر القذافي وأيضاً في جعفر النميري وفي مسؤولين عرب آخرين كانت نهايتهم مأساوية.. ولا ضرورة لذكر الأسماء.

كان الصادق المهدي، الذي يعتبر رمزاً وطنياً وقومياًّ أيضاً وهو كذلك بالفعل، قد تعامل مع جيش بلده ومنذ البدايات على أساس الإحترام والثقة المتبادلة وهذا هو ما جعل هذا الجيش شريكاً أساسياً ومحورياً مهماًّ في عملية التغيير «السلمي» التي حصلت في السودان وذلك رغم أن بعض القوى قد حاولت أن تأخذ الأمور إلى التصعيد والمواجهة.

وهنا فإنه لا بد من التأكيد أن التجربة الأردنية في هذا المجال كانت وما تزال فريدة بالفعل فمقابل محاولات بعض المتأثرين بعواصف «الربيع العربي» التصعيد والإستفزاز فإنه يحسب لـ«صاحب القرار» بأنه تعامل مع الأمور بكل «أريحية» وتعامل مع «التصعيديين» بالأقوال والأفعال على أساس أنهم أبناء وأخوة لا بد في النهاية من أن يعودوا إلى رشدهم.. وحقيقة أن هذا يجب أن يدركه ويفهمه الذين يقال أنهم سيحاولون جعل هذا الشهر المبارك شهر مواجهات ساخنة.. ونأمل ألاّ يحصل هذا على الإطلاق فالأردن مقارنة ببعض الدول الشقيقة كان ولا يزال وسيبقى واحة سلام وإستقرار والشعب الأردني كما هو ثابت ومعروف يكره العنف ويرفضه وهناك تجارب في هذا المجال كل الأردنيين يعرفونها ليس في السنوات الأخيرة فقط وإنما على مدى تاريخ طويل.

وهنا فإن ما يجب أن يقال لبعض «التصعيديين»، أصحاب الرؤوس الحامية، هو أن الأردنيين لن يسمحوا لأي كان أن يحول وضع الأردن إلى ما هو عليه الوضع في ليبيا فـ«الربيع الأردني» كان دائماً وأبداً وهو سيبقى ربيع ورود وزهور ورياحين وشعب الأردن لا يمكن أن يسمح لبعض «المتطرفين» المتأثرين ببعض الزمر الإرهابية أن يأخذوا بلده إلى العنف وعدم الإستقرار الذي هو بلد محبة وتآخٍ واستقرار.