رسالة الملك إلى مدير المخابرات .. نهج شامل لتسريع الإصلاحات ومعالجة الاختلالات


رسالة الملك الى مدير المخابرات العامة الجديد تختزل الأطر الأساسية لعملية الإصلاح الشامل التي يقودها جلالته بهدف تعزيز مسيرة الأردن؛ ما ينعكس في النهاية على حياة المواطن وذلك بترسيخ الأمن والاستقرار وتوفير حياة كريمة لكافة أبناء الوطن من خلال تحسين الوضع الاقتصادي ومعالجة الاختلالات في كافة المؤسسات والأجهزة الحكومية على حد سواء.
الرسالة اكتسبت أهمية خاصة؛ اذ تؤكد حرص الملك على تسريع وتيرة الإصلاحات الشاملة في المملكة، والتي لا بد وأن تشترك فيها كافة مؤسسات وأجهزة الدولة، بما فيها الأمنية منها وعلى رٍأسها المخابرات العامة، باعتبار أن تحقيق التنمية الشاملة وازالة التشوهات ووضع حد للتجاوزات مسؤولية الجميع وليس طرفا بعينه، رغم اختلاف المهام والاختصاصات، فجلالة الملك على دراية بأدق التفاصيل في عمل مختلف الجهات ويتابعها أولا بأول.
على الدوام كان ينظر الى دائرة المخابرات كجهاز امني فقط، بل إن هذه المؤسسة الوطنية العريقة التي هي محط احترام وتقدير الملك وكل الاردنيين كما قال جلالته تعتبر فعلا رافعة حقيقية أيضا لكل الخطط والبرامج والمبادرات الهادفة الى تطوير الوضع الاقتصادي من خلال المحافظة على الأمن والاستقرار باعتبارهما المرتكز الأول لتعزيز بيئة الأعمال وزيادة الجاذبية الاستثمارية للمملكة، وتوليد الثقة بشكل أكبر لدى المستثمرين سواء الأردنيين او العرب والأجانب. أول ما يبحث عنه رأس المال لدى التفكير بالاستثمار هو الأمن والاستقرار قبل السؤال عن الحوافز والاعفاءات الضريبية التي تأتي في الدرجة الثانية بالنسبة لمجتمع الاعمال.
على كافة أجهزة الدولة ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص التقاط الرسالة الملكية بشكل جيد، والتعاطي مع كل ما ورد فيها من مضامين مهمة والتي هي موجهة لها جميعا؛ فجلالة الملك عندما يؤشر الى اختلالات وان كانت من قلة قليلة في دائرة المخابرات على أهميتها وحساسيتها البالغة، فان الأمر بالطبع يجب أن ينسحب على بقية القطاعات الحكومية بدرجة أكبر من حيث اجتثاث التشوهات والممارسات الخاطئة والعمل على تسريع وتيرة الاصلاحات السياسية والاقتصادية ولم يعد التباطؤ بذلك مقبولا من قبل اي جهة كانت.
كما يجب أن لا يغيب» بحسب ما جاء في رسالة الملك « عن الجميع موظفا ومسؤلا، أهمية المسؤولية والمساءلة التي يجب أن تلازم السلطة والمناصب وعلى كل المستويات، وللأسف فقد حادت قلة قليلة عن اعتبارات تغليب مصلحة الوطن والمواطن لأغراض ومكاسب شخصية لدرجة إيذاء مؤسسات الدولة.
الوصول الى الاصلاحات المطلوبة يجب أن يقوم أساسا على مراجعة منظومة العمل في الجهات الحكومية، وتصحيح مسارات العمل بالشكل الذي يغلب الصالح العام على الخاص، ويضع حدا للفردية في اتخاذ القرارات ورسم السياسات بعيدا عن استغلال الموقع أو المنصب لتحقيق مكاسب شخصية، وما ينتج عن تلك الممارسات من تعطيل لجهود التنمية وتعزيز مسيرة الوطن وتمكينه من مواجهة مختلف التحديات، وما يحاك من مؤامرات على الاردن في محاولات بائسة لثنيه عن القيام بدوره التاريخي تجاه القضية الفلسطينية والدفاع عن القدس الشريف والتصدي لصفقة القرن المشؤومة.
من المفيد الاشارة في هذا السياق الى ان البيانات الرقمية تؤكد أن الاقتصاد الوطني بدأ يتعافى تدريجيا من حالة التراجع التي شهدها في آخر 5 سنوات بسبب الأوضاع الأقليمية والظروف المحيطة، اضافة الى زيادة الضغوطات على الموازنة العامة وبقاء العجز المالي عند مستويات مرتفعة، وكذلك ارتفاع البطالة الى 18.7% والفقر المطلق الى 15.7%. ويتوقع ان يرتفع معدل النمو العام الحالي الى 2.3% بحسب تقديرات البنك الدولي مقابل 1.9% العام المضي، رغم تنبؤات تراجع نمو الاقتصاد العالمي للعام 2019.