لمصلحة مَن اغتيال مؤسساتنا الوطنية ؟


ان انعدام حالة الثقة بين المواطن والحكومات دفعت بالشارع الى حالة من التوهان بين الحقيقة ونقيضها في ظروف اقتصادية صعبة يعيشها مواطننا، تتفاقم عاما بعد عام، كما ان اخفاق الحكومات ايضا في تحقيق وعودها بحياة افضل وفرت بيئة خصبة للاشاعات لدى مجتمعنا جاعلة من مواقع التواصل الاجتماعي سيدة للموقف ولغة التواصل والتخاطب بين الناس يتبادلون خلالها المعلومات ويتفاعلون معها دون التدقيق احيانا بمدى صحتها او دقتها .

وتحمل هذه المنصات احيانا اتهامات لمؤسسات وطنية سرعان ما تنتشر كالنهار في الهشيم - مستفيدة من حالة الاحتقان لدى المجتمع - يكون بعضها بعيدا عن الحقيقة ، لا علاقة له بالواقع مبنية على الاحاديث المنقولة والاتهامات في وقت لم يكلف المتفاعلون معها انفسهم التروي والبحث عن مصداقية الاشاعة ومصدرها ، دون النظر لاثارها الاقتصادية والاجتماعية على المجتمع والدولة خاصة عندما يتعلق الامر بالمؤسسات.

و لنا في حادثة حضر استيراد الخضروات الاردنية الى السعودية عام 1992 بسبب ما اشيع عن تلوث مياه الري الامر الذي اضر بمزارعنا واقتصادنا الوطني واستمرت العملية لاكثر من 15 عاما لاعادة الامور الى نصابها بعد اقناع السعودية بسلامة منتجاتنا .

ان محاربة الفساد ورفضه والتصدي له من المسلمات التي يجمع عليها الاردنيون ويطالبون بها في كل حراكاتهم واحتجاجاتهم لانها من الاسباب التي اوصلتنا الى هذه الحال من انعدام الثقة وسوء الاوضاع الاقتصادية الا ان ذلك يجب ان لا يدفعنا دائما الى الاتهام والتخوين والتشكيك دون تيقن خاصة في مؤسساتنا الوطنية التي قد تتضرر مما ينعكس سلبا على العاملين فيها وبالتالي على اقتصادنا الوطني والمحصلة المجتمع باكمله .

وهنا اسوق مثالا حديثا من واقعنا الان يتعلق باحدى مؤسساتنا الوطنية ، وهي جمعية المركز الاسلامي الخيرية التي يعمل لديها وفي المشاريع التابعة لها ، ما يقارب 450 موظفا وتضم العديد من المدارس والمستشفيات ولديها ما يزيد عن الـ 65 مركزا في محتلف انحاء المملكة و 38 الف كفالة بين يتيم وفقير وطالب علم ,ومساعدات للاسر الفقيرة عدا عن الافادة المجتمعبة المتحصلة من البرامج والمشاريع التي تصل الى مئات الالاف من الاسر الاردنية بشكل مباشر وغير مباشر من خلال المشاريع التنموية والمشاريع الصغيرة والقروض وبرامج دعم التعليم ، قد تعرضت منذ 6 سنوات الى التشكيك والاتهام الامر الذي اضر بمتلقي الخدمة خاصة الايتام بسبب عزوف بعض المتبرعين عن مواصلة تبرعاتهم واوقفوا كفالاتهم بناء على الاشاعات والاتهامات التي ثبت بطلاتها وعدم دقتها بعد ان اصدر مدعي عام دائرة النزاهة والفساد قرارا ببراءة الجمعية من كل التهم والشكاوى التي قدمت لها .

كما اثبتت دائرة ضريبة الدخل بناء على» معلومات لدى الكاتب»ايضا بصحة كل اجراءتها المالية والضريبية حتى نهاية عام 2018 وذلك بعد 6 سنوات من التدقيق والتمحيص بناء على شكوى كيدية ايضا .

الا ان السؤال الذي يطرح نفسه الان كيف تستطيع الجمعية اعادة واقناع المتبرعين الى تقديم المساعدات للفقراء واليتامي والمحتاجين الذين تضرروا من حملة التشكيك والاتهام التي قد تبنى احيانا على مواقف شخصية ، وردات فعل متسرعة لرغبة او لهدف ما، دون النظر لمصلحة الوطن .

جميعنا مطالبون بمحاربة الفساد دون هوادة بغض النظر عن الاشخاص المتورطين لان الوطن اكبرمن الجميع وعلى الحكومة ان تؤكد جديتها بذلك وتقديم كل من يثبت ادانته للقضاء .

وفي المقابل على المؤسسات الدينية والتعليمية والثقافية والإعلامية والفنية أن تتضافر جهودها لغرس القيم والمبادئ الأخلاقية السوية، وتهيئة المجتمع وتوعيته بألا يصدق أو يردد ما يتلقفه من أخبار دون التأكد من مصداقيتها، وبث روح الثقة بين الحاكم والمحكوم والقضاء على كل ما من شأنه أن يضيع هذه الثقة.