فاتكم القطار.. قطار عمان الزرقاء السريع



منذ أكثر من خمسة عشر عاما ووزارة النقل تناقش وتطرح مشروع القطار السريع بين عمان والزرقاء، وأذكر حينها أن الموضوع أخذ حيزا كبيرا من الحوار في الصحافة، فمرة يموت المشروع ومرة تدب الحياة في أوصاله، وغني عن القول كم كانت ستكون الكلفة لو نفذ المشروع في ذلك الوقت.

تذكرت الكلمة المشهورة التي وجهها الرئيس اليمني للمعارضة بقوله (فاتكم القطار) وليس في اليمن قطارات نقل بالاضافة الى أن قطار الاصلاح متوقف في محطة صنعاء منذ عدة أشهر فوجدت أن العبارة التي ينبغي أن نوجهها الى وزارة النقل (فاتكم الركاب) الذين انتظروا خمسة عشر عاما ولم يصل القطار بعد ولا أظنه سيصل على الاطلاق وان وصل فلن يجد الركاب لأسباب عديدة:

المسافة بين عمان والزرقاء خمسة وعشرون كيلومترا تقطعها السيارات الصغيرة في عشرين دقيقة والحافلات المتوسطة بتوقف متعدد على الخط في خمس وأربعين دقيقة وبأجرة 450 فلسا.

أما الدراسة المعلنة للقطار السريع فتقول أن القطار (السريع) سيتوقف في 14 محطة على طول (24,5) كيلومتر وبثمن تذكرة أقل من دينار (ربما 750 فلسا)، فاذا افترضنا أن مدة التوقف في المحطة الواحدة ثلاث دقائق فان مجموع التوقفات سيكون 42 دقيقة ناهيك عن ابطاء السرعة قبل التوقف وبطئها عند أعادة الانطلاق، واذا افترضنا أن سرعة القطار بحدود 80 كيلومترا في الساعة فان مدة الوصول الى الزرقاء بحدود ساعة وعشر دقائق بما فيها فترات التوقف في المحطات. يضاف الى ذلك كله أنه وبعد انتظار خمسة عشر عاما فان مدة تنفيذ المشروع خمس سنوات أخرى، فهل ستتغير الاسعار في ذلك الوقت؟؟

اذن فالقطار السريع يعرض نقل الركاب من عمان الى الزرقاء بزمن أطول وأجر أعلى من السيارات الصغيرة والحافلات المتوسطة (الكوستر)، واذا أخذنا بعين الاعتبار أن سائق (الكوستر) يقف لك حيثما أردت فان القطار السريع سيبحث عن الركاب فلا يجد الا المضطر ولن يلبث أن يتحول الى مزار سياحي لرحلات طلاب المدارس ثم يتوقف ليبدأ الحوار وتبادل الاتهامات في الصحافة وربما التحقيق في الموضوع أمام جهات رقابية وقضائية.

قبل أن يقع الفاس في الرأس نطالب وزارة النقل ببعض الشفافية في طرح الفكرة على الرأي العام على الاقل من حيث مدة السفر وسعر التذكرة حتى نستمع لأراء الناس في الشارع، وبتوسع أكثر حبذا لو نشرت الوزارة ملخصا لدراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع.

الاهم من ذلك كله أننا نعلم أن المشروع سينفذ من القطاع الخاص بطريقة البناء والاستثمار لمدة ثلاثين عاما، ولكن المهم معرفته ما اذا كانت هناك ضمانات حكومية مقدمة للشركة المنفذة بعدم تحقق أي خسارة في التشغيل للجهة المنفذة للمشروع وهذا هو الجزء الاخطر في المشروع - ان وجد -.

قبل أن يفوتنا قطار التروي والدراسة نرجو أن توضح وزارة النقل ما سبق.